مدونة د.خديجة خيري عبد الكريم خيري


التوزيع السكاني للموريسكيين في أراضي شبه الجزيرة الايبيرية

د.خديجة خيري عبد الكريم خيري | Dr. Khadiga khairy Abdalkareem khairy


03/06/2021 القراءات: 3360  


إن القيام بعمل إحصائي للسكان الموريسكيين على مدى القرن السادس عشر الميلادي/10هـ، و حتى طردهم نهائيا من اسبانيا، يعد بمثابة الإطلاع على جوانب مهمة من حياتهم في المجتمع الاسباني النصراني، ويعد كتاب جغرافية اسبانيا الموريسكية Géographie de l'Espagne morisque، للفرنسي هنري لابيري المنشور بالفرنسية سنة1959م، أول دراسة متخصصة تعني بالتوزيع السكاني للموريسكيين، وغدت تلك الدراسة فيما بعد مرجعا أساسيا لدراسات تاريخية موريسكية لاحقة. لم يقتصر تواجد الموريسكيين في اسبانيا في منطقة معينة دون غيرها، بل توزعوا في كل أنحائها، وبنسب متفاوتة في المدن وفي الأرياف في السهول وفي الجبال، مشكلين في بعض المناطق أكثرية، وفي مناطق أخرى أقلية. 1. الموريسكيون في مملكة اراغون تكونت مملكة اراغون من ثلاث مناطق رئيسية ( اراغون، و بلنسية، و كتلونيا) وكان للموريسكيين تواجد بها وبنسب متفاوتة، تمركز ثلثاهم في بلنسية بنسبة عامة قدرت بـ 34% من إجمالي سكان المملكة بمناطقها الثلاث، وتوزعوا بين المناطق الحضرية والريفية، حيث عاشت الأغلبية في أراضي تابعة لنبلاء اقطاعيين ، وبأعداد اقل في اقطاعات كنسية وأميرية. ومن الناحية الاجتماعية كانت لهم علاقة وثيقة بالنبلاء، كما لعبوا دورا بارزا في اقتصاد بلنسية الزراعي، ومن ناحية استراتيجية -بحكم قرب الموريسكيين من المناطق الساحلية- شكل تواجدهم ببلنسية خطرا على امن اسبانيا، والتي تخوفت من اتصالهم عن طريق البحر بدول الشمال الأفريقي ، كما أدى تواجدهم في المناطق الجبلية إلى قيامهم بثورات. وفي اراغون كان التوزيع الجغرافي للموريسكيين غير منتظم، حيث عاشت الأغلبية حول أودية الأنهار خاصة نهر ايبرو، وفي المناطق الجبلية والريفية، اما الذين تواجدوا في المدن كسرقسطة Zaragoza وترويل, Teruel فعاشوا في أحياء منغلقة، و امتلكوا أراضي خصبة قاموا بزراعتها، وظهر منهم بعض التجار الأثرياء، وتراوحت نسبة الموريسكيين في منطقة اراغون بين 20-21% من إجمالي سكانها. أما في منطقة كتالونيا، فقد شكل تواجد الموريسكيين بها اقل نسبة، حيث تراوحت أعدادهم ما بين السبعة والثمانية آلاف موريسكي بنسبة7,2% من مجموع السكان، وتوزعوا في قرى نهر ايبرو. 2. الموريسكيون في مملكة قشتالة أما التوزيع الجغرافي للموريسكيين في مملكة قشتالة - والتي شغلت مساحة واسعة من شبه الجزيرة الايبيرية- فقد اختلف من منطقة إلى أخرى، وتأثر دون شك بتنقلات الموريسكيين سواء كانت اختيارية أم إجبارية، وعلى اتساع رقعة مملكة قشتالة كان التوزيع الجغرافي واسعا جدا حيث تواجدوا في القشتالتين القديمة والجديدة، وبنسب متفاوتة.3- الموريسكيين في قشتالة القديمة رغم تشكيل موريسكيي قشتالة القديمة لجماعات صغيرة، إلا ان التوزيع الجغرافي لهم كان واسع، وذلك لانهم تواجدوا في كل أنحائها – أي قشتالة القديمة- باستثناء منطقة ليون León، واستورجا Astorga، كما شكلوا تجمعات كبيرة في مدنها الكبيرة - نحو سلمنكا وسيغوبيا وبلد الوليد، وغيرها من المدن- بالإضافة إلى عدة مدن صغرى لاسيما بعد أعادة استيطان موريسكي غرناطة بعد ثورة البشرات(1569م-1572م)4- الموريسكيون في قشتالة الجديدة؛  كانت هناك تجمعات موريسكية في كل أراضيها وبنسب متفاوتة، ومن أهم المناطق التي تواجدوا بها:− مملكة غرناطةضمت مملكة غرناطة اكبر تجمعات الموريسكيين في قشتالة الجديدة، حيث تواجدوا بأعداد كبيرة في الأجزاء الجبلية الشرقية من أراضي غرناطة، وبأعداد تتراوح بين 30%-50% في مدنها الكبرى كغرناطة و بسطة والمرية، وكذلك تواجدوا في معظم المناطق الريفية، باستثناء المناطق الساحلية؛ وفي ذلك شأنهم شأن موريسكيي مملكة اراغون، اذ إن السلطات الاسبانية حظرت عليهم التواجد قرب الشواطئ مخافة اتصالهم بمسلمي شمال افريقيا.بلغ عدد موريسكيي غرناطة حتى اندلاع ثورة البشرات سنة 1569م، نحو 150 ألف موريسكي، تم طرد نحو 80 ألف موريسكي منهم، بين عامي 1571-1572م، حيث وزعوا على بقية أراضي المملكة.− منطقة اكسترامادورا Extremaduraضمت منطقة اكسترامادورا، مجموعات كبيرة من الموريسكيين، خاصة بعد استيطان 11الف موريسكي من غرناطة بها بين عامي 1571م-1572م، وعند الطرد النهائي سنة 1610م بلغ عددهم 15الف موريسكي بنسبة 3% من جملة السكان.− اقليم اندلوثيا (جيان، قرطبة، اشبيلية، ولبة، قادس، مملكة غرناطة)ضم إقليم اندلوثيا باستثناء مملكة غرناطة، في أوائل القرن السادس عشر الميلادي/10هـ، أعداد قليلة من الموريسكيين، وذلك وفقا للجماعات المدجنة المسجلة وثائقيا، ولكن بعد حرب البشرات وما ترتب عليها من إعادة توطين موريسكيي مملكة غرناطة على كل أنحاء مملكة قشتالة، عَبَرَ أراضي اقليم اندلوثيا 80الف موريسكي غرناطي، منهم من استقر بها ومنهم من اتجه نحو الشمال، ولعل هذا ما يفسر تواجد الموريسكيين في كل مناطق إقليم اندلوثيا في أواخر القرن السادس عشر الميلادي.− اقليم مرسية يعد إقليم مرسية أيضا من الأقاليم التي ضمت تجمعات موريسكية، حيث تواجدوا في المناطق الجبلية وفي السهول وشكلوا في بعض المناطق أغلبية، كموريسكييو وادي ركوتي- أخر المجموعات التي طردت من اسبانيا سنة1614م.ولم يقتصر استقرار الموريسكيين في إقليم مرسية فحسب ، وإنما شكلت سهوله مناطق لمرور الموريسكيين في تنقلاتهم بين مملكتي بلنسية وغرناطة.ومن خلال تتبعنا للتوزيع السكاني للموريسكيين في أراضي شبه الجزيرة الايبيرية، نجد أنهم تواجدوا بنسب كبيرة في منطقتي بلنسية وغرناطة، فبالنسبة لغرناطة كان من الطبيعي تواجدهم بها بأعداد أكثر من غيرها من المناطق وذلك باعتبارها أخر كيان إسلامي سقط في أيدي النصارى الأسبان، أما بلنسية فعلى الرغم من سقوطها سنة1238م/636هـ، إلا انها ضمت مجموعات كبيرة من الموريسكيين شكلت خطرا على السلطات الاسبانية، ولعل السبب يرجع إلى طبقة النبلاء والحماية التي وفرتها لهم.


التوزيع السكاني . الموريسكيون. غرناطة. بلنسية. ارغوان. قشتالة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع