مدونة محمود سيد عبد المحسن علي
تصور لمستقبل التعليم بعد كورونا
محمود سيد عبد المحسن علي | Mahmoud Sayed Abdelmohsen Ali
07/07/2020 القراءات: 3614
مقدمة :
منذ عقدين من الزمان قد توقع الكثير من الباحثين أن مستقبل التعليم يسير في اتجاه الدراسة والتعليم عن بعد في المدارس و الجامعات على حد سواء. وكانت الاعتراضات كثيرة علي هذا الطرح والذي اعتبره الكثيرون دربا من الخيال ، وكثيرا ما كانت بعض المدارس ترفع شعار المدرسة الذكية ولم يكن لهم حظ من المسمى غير موقع إلكتروني للمدرسة أو استخدام بعض المنظومات التي ترسل اشعارات لأولياء الأمور ، حتي حلت كارثة وباء كورونا لتأخذ الجميع إلي منحى جدي واجباري؛ فالشعارات وحدها وقفت عاجزة ولم تُجدِ في ظل واقع وتحدي لا فرار منه .
الواقع :
بالرجوع إلى موقع اليونسكو فقد تأثر أكثر من مليار طالب حول العالم ولم يعودوا قادرين علي معاودة الدراسة النظامية ، وفي ظل تبعات القيود المفروضة علي الحركة ، تحركت الكثير من المؤسسات التعليمية لإيجاد موطئ قدم لها في عالم التعليم الذي بدأ يتغير سريعا ، فبدأ نظام التعليم عن بعد، وسهل ذلك العديد من المنظومات المجانية المتاحة للاستخدام مثل جوجل كلاس روم، وبرنامج زوم، و ويب ايكس وغيرها وبعض المؤسسات سارعت في بناء منظومات خاصة بها تمنحها ميزة تنافسية .
التحديات:
كان هناك العديد من التحديات منها الكادر التعليمي غير المؤهل على استخدام التكنولوجيا ، ناهيك عن المعلم التقليدي الذي إن ظل علي حاله لن يكون له مكان في ظل المنظومة المستقبلية للتعليم،ومدى تفاعل أولياء الأمور مع الفكرة أيضا ، وكذلك البنية التحتية المطلوبة من ناحية توفر انترنت قوي وكذلك عدد من الحواسيب، والهواتف الذكية للمعلم، وولي الأمر وخصوصا من لديه أكثر من ابن .
نجاح ملحوظ :
ما لاحظناه على أداء كثير من المؤسسات التعليمية هو نجاح الحراك التعليمي الجديد نحو التعليم عن بعد وفي أقل الأحيان ما يسمي بالدراسة عن بعد؛ فقد كانت رغبة المؤسسات في الاستمرار في العطاء هو الحافز الأكبر لنجاح الفكرة، وساهم في ذلك استشعار العاملين في الحقل التعليمي أن نجاح التجربة سيعزز وضعهم، وينمي مهاراتهم بالإضافة لكونه يضمن استمرار العائد المادي لهم.
المستقبل :
بعد كل هذا الثراء الذي أغنى العملية التعليمية، وبعدما ذاق أولياء الأمور حلاوة التجربة، فقد تمكن أبناؤهم من تحقيق مستوى عالي من الفهم، وتيسرت لهم الكثير من المواد التعليمية النشطة والذكية التي كان يصعب توفرها والتمتع بها في الفصول التقليدية، ونال اهتمام بالغ في المتابعة اليومية حتي صار طلب الكثير منهم عدم توقف هذه الأنشطة بعد استئناف الدراسة في المدارس.
وبناء على ما سبق فإنني أتوقع- في المستقبل القريب - خروج كثير من القوانين التي تنظم وتشرع للدراسة عن بعد سواء في المؤسسات الجامعية أو المدارس وسيكون التوسع فيها هو شعار المستقبل ،وستتلاشى الكثير من المؤسسات التعليمية لتحل محلها مؤسسات افتراضية أون لاين وقد نالت كامل الشرعية، وتشير الدراسات إلي بلوغ حجم سوق تقنيات التعليم إلى ٣٤٠ مليار دولار بحلول ٢٠٢٥ .
توصيات:
علي العاملين في حقل التعليم إعادة بناء البنية التدريبية و المهنية الخاصة بهم ليتمكنوا من الأدوات الجديدة للتعليم عن بعد ، وعلي الخبراء تقييم التجربة بحيث نقطف ثمارها الحسنة ونتلافى ما ينتج عنها من سلبيات ، وندائي للحكومات بضرورة التعاطي السريع مع تصورات مستقبل التعليم بعد كورونا وتهيئة البنية القانونية والتشريعية التي تضمن نجاح الفكرة وانضباطها، وتنظيم العلاقة بين مكوناتها.
ومع لقاء في مقال آخر بعنوان الآثار الناجمة عن التعليم عن بعد
محمود عبد المحسن
مستشار تطوير المؤسسات التعليمية
مدير عام مدارس داماي – كوالالمبور، ماليزيا
التعليم-كورونا-الادارة-مستقبل
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة