مدونة خالد بن فتحي بن خالد الآغا


سباعية الفوائد/ تعليقات حول المذاهب الفقهية المتبوعة

خالد فتحي خالد الآغا | Khaled Fathi khaled Alagha


11/10/2021 القراءات: 3122   الملف المرفق


يجري حديث بين حين وآخر حول المذاهب الفقهية الأربعة، وللناس في الحديث عنها مذاهبُ شتى، وقد قيّد يَراعُ الملاحظة جملةً من الفوائد في هذا المقام، اقتضى مجلسُ بحثٍ علمي وقع عن قريب أن أقيد سبعا منها حول الموضوع نفسِه، آثرت أن أشارك بها السادة القراء هنا، راجيا أن يسنح مقام آخرُ لتَتَبُّعِ ما اجتمع منها في نحو ثلاثة عقود أو يزيد.
الأول: المذاهب الفقهية الأربعة في جملتها شكلت ثروة فقهية عظيمة في التاريخ الإسلامي، وليس ذلك فحسب، بل شكلت في التاريخ الإسلامي قاعدة من قواعد استقرار المجتمع، وأنقل هنا نقلين عن اثنين من كبار علماء البلاد الهندية للفائدة إن شاء الله، الأول سمعته من الشيخ أبي محمد بديع شاه الراشدي السندي في بيته في حيدر أباد عام 1414 للهجرة، وذلك قبل وفاته بنحو عام، قال لي وقد سألته عن المذاهب الأربعة: فقال: إنما كان استقرار هذه المذاهب الأربعة تقديرا من الله تعالى، وإلا فقد كانت هناك مذاهب أخرى لعلماء آخرين كالأوزاعي واسحاق بن راهويه وأبي ثور وابن خزيمة وغيرهم، فيسر الله تعالى لأولئك أسبابا فاتشرت مذاهبهم، واندرست مذاهب الآخرين، وبقي منها أقوال تنقل في بطون الكتب. والقول الثاني: سمعته من الشيخ عبد الودود أستاذ علم الفرائض في جامعة البخاري في بيشاور من علماء أهل الحديث في عام 1411 تقريبا، وهو من أقران شيخنا نقيب أحمد الديري الرباطي السلفي رحمهما الله تعالى، سمعته منه في حضور شيخنا أبي المعالي نقيب أحمد، وقد جرى ذكر المذاهب الأربعة بسؤاليه عنها فقال: الذي أدين لله تعالى به أن هذه المذاهبَ الأربعة لما استقرت بين المسلمين دل ذلك على أن الله تعالى قد وضع لها القبول في الجملة، فإن أمة المسلمين لا تجتمع على ضلالة.
الثاني: الجدل الدائر بين المقلدة من أتباع المذاهب الفقهية من جهة، وبين بعض المنتسبين إلى المدرسة السلفية يقع أكثره بين المتعصبة من الطرفين، وغالب من يثيره هم صغار الطلبة والطبقة المتوسطة من العلماء، وهو جدال يضيع معه كثير من الإنصاف، كما تغيب معالم الحق فيه، وأكثره يدور حول مسائل معينة مشهورة، وأما بين كبار العلماء من الطائفتين فالأمر أيسر بكثير، والوقوف على تحريرات المحققين من علماء هذه المذاهب يساعد على تضييق مساحات الخلاف، وقد أوقفت بعض المشايخ من علماء الحنفية على تحريرات المحققين من علماء الأحناف كابن الهمام وابن عابدين وملا علي القاري وأنور شاه كشميري وغيرهم في عشرات من المسائل التي خرجوا فيها على المذهب اتباعا لما ترجح عندهم من الدليل فكانوا يعجبون لذلك.
الثالث: السلفية أو مذهب أهل الحديث انتسب إليهما كثير من الناس، وحملوهما ما لا تحتملان في الأصل، وكل يدعي وصلا بليلى، فانتسب إليها من يتطاول على الأئمة، ويضع من منازلهم في الفقه والعلم، بل بلغ به الحال أن زعم أنه لا حاجة لأصول الفقه ولا لقواعده، ذهابا منه إلى القول بأن القرآن والحديث وحدهما كافيان لمعرفة أحكام الشرع، فألغى بذلك جهود علماء الأمة على مر القرون، وأنا أنقل ما سمعته بأذُنَيَّ مباشرة من غير واحد من منتسبي علماء أهل الحديث، ومع ذلك لا تجد واحدا منهم تفقه على مذهب من تلك المذاهب، ولا طالع أصولها وقواعدها، ولا شيئا من كتبها، وإنما يحفظ غالبهم أقوالا منقولة عنهم مما نقله عنهم ابن حزم أو غيره، حولها يدور الجدل وبها يشنعون على مخالفيهم، دون وقوف على قواعد الأئمة ومآخذ أقوالهم وطرق استنباطهم، فصنع هؤلاء لأنفسهم مذاهب بلا زمام ولا خطام، فما زادوا على أن شغلوا الأمة بتصانيف لا تحرير فيها، وإنما هي حشد لأقوال ينتصرون بها لما يذهبون إليه، وعند إمعان النظر فيها تجد بعضها يضرب بعضا، وكان الأئمة في بحثها أدق منهم نظرا، وأعمق فقها، وأعظم ورعا وأتقى لله سبحانه وتعالى، وقد شافهني بعض هؤلاء أنه استغرق سنوات طوالا يصنف كتابا في أن قراءة الفاتحة خلف الإمام ركن في كل ركعة، وأن من لم يدرك قراءة الفاتحة خلف الإمام لم يدرك الركعة وإن أدرك الركوع، فاجتمع الكتاب عنده في ألف صفحة، ردا على مُصَنِّفٍ آخر من منتسبي المدرسة نفسها صنف كتابا كبيرا آخر في أن مدرك الركوع مدرك للركعة وإن فاتته الفاتحة، وهذا المؤلف نفسه من طبقة متوسطي العلماء نقل لي....

لمتابعة القراءة يمكنكم تكرما تحميل الملف المرفق.


المذاهب الأربعة، المذاهب الفقهية، السلفية، أهل الحديث، الحنفية، المالكية، الشافعية، الحنابلة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع