الإهمال .. ظاهرة تبحث عن حلول
24/12/2021 القراءات: 4700
ظاهرة تبحث عن حلول ..
✍️ ياسر الدالي.
من القضايا التربوية المهمة والموجودة في مؤسسات التعليم الإهمال الدراسي، لكنها في الآونة الأخيرة صارت ظاهرةً مزعجةً، تؤرّق الجميع، فقد انتشرت بين المتعلمين الصغار والكبار على حدٍ سواء، ولا شكّ أنّ لها تداعياتها الخطيرة على التعليم، وعلى البلد برمته؛ كونها تهدّد مسيرة التعليم، وتؤثر سلبيًا في صناعة الجيل، ومستقبله المأمول.
هذه الظاهرة لها صورها وأسبابها في المجتمع اليمني، تتعلق أغلبها بالأوضاع العامة التي تسود البلد منذ عقد من الزمن، وهي تستدعي - دون تراخٍ - التفاتةً عاجلة، وهبّةً رسميةً ومجتمعيةً لبحثها بعمق، والإلمام بنواحيها كافة؛ للخروج بحلولٍ ناجعةٍ لها.
من صور هذه الظاهرة ضعف الرغبة في التعليم، وانعدام الدافعية له، وتدني مستوى التحصيل الدراسي، ولسنا هنا بصدد الحديث عن ذلك، بقدر ما نريد الغوص في الأسباب التي أدت إلى تفشيها، ولعل أبرز تلك الأسباب من وجهة نظري على الأقل:
- دخول البلد في دوامة من المشكلات التي عصفت بالجميع، وفاقمت الأوضاع المعيشية للناس، وخلقت لهم انغماسًا إجباريًا في البحث عن تأمين متطلبات الحياة الكريمة، وجعلت كثيرًا منهم يفقدون الأمل في تحسن الأوضاع، خاصة مع تذبذب العملة المحلية، وارتفاع الأسعار ارتفاعًا يعجز المواطن في مجاراته، ، أما على صعيد فرص العمل التي توفرها الدولة، فقد توقفت تمامًا في أغلب القطاعات منذ (2011م)، وخلق توقفها جيلًا من العاطلين، ربما صار لا يؤمن بجدوى التعليم، مما جعله محط أنظار الجيل الحالي، الذي يفقد كل يوم جزءًا كبيرًا من شهيته في التعليم.
- الأمية: التي تضرب أطنابها في أوساط فئاتٍ من المجتمع، لا تدرك، ولا تعي أهمية التعليم، وكونه ضرورة العصر الذي نعيشه، والسلاح الفاعل في نهضة البلد والأمة.
- محلات الألعاب الإلكترونية: المنتشرة في كلّ حارةٍ وزُقاق، وبعضها على مقربةٍ من المؤسسات التعليمية والتربوية ودون أي رقابة عليها، وقلة وعي الناس بأضرارها ومخاطرها، وبأنها تسهم إسهامًا ممنهجًا ودون وعيٍ في ضياع الجيل، وتدمير قدراته العقلية، والنفسية، وقتل أثمن أوقاته.
- ضعف أساسيات المعرفة: ومن أهم هذه الأساسيات القراءة والكتابة، فتجد أبناءنا ينتقلون من الصف الأول، وحتى الثالث الأساسي بالترفيع، وذلك باعتماد سياسة (لا رسوب في هذه المرحلة)، وهي سياسة لم يُحسَن التعامل معها، وبالتالي يبقى الضعف في بناء المهارات الأساسية قائمًا، ودون وضع معالجاتٍ حقيقيةٍ لتجاوزه وتلافيه.
- ضعف كفايات المعلم: فالمعلم الضعيف، الذي لا يمتلك الكفايات المعرفية، والمهنية، والشخصية، والقيادية، ماذا تتوقع منه أن يُنتِج؟ ناهيك عن كمية الإحباط التي يعاني منها، بسبب المنغّصات الحياتية الكثيرة، وما تسببه من رسائل سلبية، تترك أثرها العميق في نفسيات المتعلمين.
- التشتّت الأسري: وهذا سبب اعتيادي للإهمال، فالأسر غير المستقرة، أو المشتتة، أو المنفصلة يعاني أبناؤها بصورة أو بأخرى من التفلّت، والإهمال الدراسي، زد على ذلك حالة الفقر والعوز الذي تعيشه أغلب فئات المجتمع.
أختم بالقول: خير الكلام ما قلّ ودلّ، ولو قُلبت هذه الأسباب إلى معالجات لساهم ذلك بفاعلية في اجتثاث هذه الظاهرة، ولنعم أبناؤنا بتعليمٍ آمنٍ، يحقّق ما نصبو إليه إن شاء الله.
والله المستعان، والهادي إلى سواء السبيل.
الإهمال
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مقال رائع أخي الحبيب .. حفظك الله
عنوان الكثير منا تجاهله حيث هو الركيزة الأساسية مشكور أستاذ ياسر على هذا التركيز والطرح