مدونة أ.د حمود محسن قاسم المليكي
الأمن الفكري العربي في مواجهة فساد الفكر القادم من الغرب
أ.د حمود محسن قاسم المليكي | Hamood Mohsen Gasem Almolukey
22/06/2023 القراءات: 1300
الأمن الفكري يعد من أهم الحاجات الأساسية لأي بلد، فالأمن والفكر من المطالب الضرورية للحياة، فلا يمكن لأي بلد أن يزدهر ويتقدم دون أن يسعى إلى تحقيق الأمن الفكري لأفراده، فعندما تتكامل الجهود الفردية والجهود الجماعية تؤدي إلى ذلك بتكامل شروط تحقيق الأمن الفكري ويتسنى للمجتمع أن يحقق التقدم والرفاهية والعيش بسلام لأفراده
وأن أهمية الأمن الفكري تنبع من أهمية العقل الذي أعطاه الله للإنسان ليستطيع أن يميز به، وتتسع أهمية الأمن الفكري أنه يحقق للأمة أهم خصائصها من خلال تحقيق التلاحم والوحدة في الفكر والمنهج والغاية, ويعد تحقيقه مدخلاً حقيقياً للإبداع والتطور والنمو لثقافة المجتمعات العربية وترسيخ وحدتها، فالأمن هو الركيزة الأساسية التي يستمد منها المجتمع العربي استقراره وتقدمه وحضارته وازدهاره، فالاستقرار مرتبط ارتباطاً كاملاً بالأمن، ففي ظل العولمة، وما صاحبها من تطور في الاتصالات والتقنيات الحديثة، وما نتج عنها انفجار معرفي، وانفتاح ثقافي، و تداخل في المعتقدات المتعارضة، وتعدد الثقافات، كل هذا تسبب في تهديد الخصوصيات الثقافية العربية، وطمس الهويات الفكرية لها
وما يلاحظ اليوم من انتشار الفتن، وفقدان الأمن وحصول القلاقل، والاعتداء على الناس في عقولهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم ومكتسباتهم، فضلاً على تشويه صورة الإسلام وتنفير الناس منه، وإلصاق الأعمال الإرهابية به وهو منها بريء ما هو إلا نتيجة الانحراف الفكري واضطراب الأمن الفكري في كثير من الدول العربية , فالأمن الفكري يقوم على مواجهة محركات العنف وخاصة تلك التي نتجت عن تطور أساليب الحياة المعاصرة، فضعف الرقابة على الفكر الغربي الدخيل يمكن أن يكون ذا أثر أقوى من الإرهاب، وهنا لابد من تفعيل الأمن الفكري لإزاله فساد الفكر القادم من الغرب
وتعتبر تأثيرات الغزو الفكري من اخطر الظواهر التي تواجه المجتمعات العربية ,والاكثر تأثيرا على التنمية في مختلف الجوانب حيث تزايدت الاعمال الارهابية في كثير من الدول العربية وخاصة تلك الدول التي تعاني من صراعات سياسية وحروب داخلية قضت على البنية التحتية في تلك الدول , والتي تقع على قياداتها السياسية مسؤولية كبرى في حماية مجتمعاتها من خلال إكسابهم المعايير والقيم والمثل الخلقية، والقدوة الحسنة ،وربطهم بالثقافة السائدة في المجتمع العربي وتعريفهم بتراث أمتهم مع بث روح التجديد والإبداع ، تجاوباً مع المستجدات والمتغيرات الحضارية فيما لا يخالف الأسس والثوابت الإسلامية , وهذا مانعني به الامن الفكري الذي يعد مطلب رئيس للحياة الآمنة والمستقرة، فحاجة الإنسان أن يعيش آمناً من الحاجات الضرورية التي لا يمكن الاستغناء عنها في شتى جوانب الحياة، وتعتبر الحاجة للأمن الفكري من أبرز الحاجات وأهمها في عصرنا الحالي , وبما أن المسؤولية الوطنية والمجتمعية تقتضي تحقيق الأمن العربي الشامل، فإن المطلب الرئيس لتعزيز الأمن الفكري هو مسؤولية السياسيين والعلماء بدرجة اساسية على اعتبار أن النخبة السياسية هم المسؤولين عن اتخاذ مجموعة من الإجراءات الوقائية لحماية الأوطان العربية ومواطنيها داخلياً وخارجياً انطلاقاً من المبادئ الاسلامية , والعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإزالة أسباب الخوف والظلم ودوافع الجريمة وتوفير الطمأنينة والاستقرار للإنسان والقدرة على حمايته من كل ما يهدد نفسه ودينه وعقله وماله وعرضه ,وبناء المجتمع العربي القوي الذي يسوده الخير والوئام, وان العلماء يمثلوا نخبة المجتمعات العربية والذي يقع عليهم مسؤولية تحصين أبناء المجتمعات العربية من مخاطر الأفكار الهدامة المنحرفة والضالة ، والنظريات الوافدة وفق المنهج الصحيح والمعتدل، ووفق الأسس الوطنية والثقافية والاجتماعية لمجتمعاتنا العربية، فعلى العلماء مواجهة الانحراف الفكري بجميع أشكاله ومظاهره، بإكساب افراد المجتمعات العربية القيم والمفاهيم الدينية وتحقيق التسامح والإخاء والسلام، ونبذ الأفكار المظلة لعقولهم، وإعطائهم الحرية في التعبير عن إرادتهم، والاستماع إليهم، وتوضيح ما يتناقض مع قيم ومبادئ ديننا الحنيف، وتقويم الجانب الديني في النفوس من خلال الإرشاد الديني باستمرار، وتعزيز الأمن الفكري لديهم , وحتى لا تكون المجتمعات العربية عرضه لتغيير عاصف يشتت ملامحها، ولا ينحني ابنائها لمعاول الهدم التي تتسلل تحت ستار التجديد والتطوير ومواكبة العصر.
فالأمن الفكري يعتبر حصناً منيعاً للامة العربية والاسلامية مما يهدد شخصيتها الإسلامية وتكاملها مع محيطها البيئي والاجتماعي الذي يعايشه أفراد مجتمعاتها,، ومن ثم فهو يعمل على درء الأخطار عن ذاتهم وعمن حولهم ويعمل على تحصين النفوس بالمبادئ الأخلاقية والسلوكية التي تعمل على حفظ هوية الانسان العربي المسلم من الوقوع في الأفكار الخاطئة، ويرسو به إلى بر الامان من خلال حمل العقيدة السليمة والمبادئ والقيم الدينية الأصيلة
الأمن الفكري - الغزو الفكري- الغزو الثقافي- دور العلماء والسياسيون في مواجهة الانحراف الفكري
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة