مدونة د. ريمه عبدالإله الخاني


عن رصيد الكاتب الحقيقي نتحدث..

د. ريمه عبدالإله الخاني | D. RIMA ABDULILAH ALKHANI


01/05/2020 القراءات: 4605   الملف المرفق


مازالت ترن في أذني حكمة سمعتها من قاصٍ راحل، عندما بدأت حياتي الأدبية راكضة من منبر إلى منبر، أعب من ملاحظات الخبراء والمخضرمين، وأعود لإصلاح نصوصي الغضة ربما أشفق على همتي الرعناء، أو تراه فضل نصحي كي أقف في المكان المناسب لقد بات من الراحلين.. وترك حكمته:
-إن رصيد الكاتب الحقيقي، كتبا وموادا مهمة، يتركها للجيل الذي يليه يفيدوا منها ، هذا كل شيء.
الطريف في الأمر أنني بينت له فهمي للحكمة التي خرجت بعد مشوار طويل من الكتابة، لكنني لم أفعل حتى العام العشرين من الكتابة، عندما أثبتُّ حضوري، رغم أن أصوات النقد لم تنته ولن تنتهي، حينها، انصرفت لأبحاثي وكتبي، غير عابئة بأي منبر، ليس استخفافا، إنما لأنه لن يقدم ولن يؤخر في زمن الجوع والقهر،ولأن الجمهور الذي كنت أبحث عنه ماوجدته هناك لتبقى الكتب والأبحاث المقروءة عبر الشاشة، هي المعول عليها، صدقة جارية، وعلم ينتفع به ورغم هذا مازال قلمي مندفع يسيل رغما عني، لاينتظرني بل أنا من ينتظروقتا لأسجل ماجاد به، أتركه يحكي ويضع في إرشيفه مايشاءعلى أمل المراجعة، قالت المترجمة ثلاثية الدراسة الجامعية بين الحقوق واللغة العربية والانكليزية سناء تيسير الخاني: -قلمك سيال لايتوقف، تستفزه أي ظاهرة و أي كلمة وشعور، لكن لا بأس من المراجعات العديدة، هذا من حق المتابع لقلمك.
لحظة صدق: إن لحظة صدق لكل كاتب مع نفسه، تجعله يراجع دربه دوما ، ويقوّم خطواته مهما تقدم وشق طريقه تجعله مميزا بحق، فحفر الطريق بيديه، ليس سهلا ولكن مهلا.. إن أحدا ما لم يقف عند لحظة خلود الحرف، والذي سيصعد إلى السماء يحاسب به ، تجعله مسؤولا بقوة، أما عن الخبرة والمران قال الأستاذ علي العسكري: -إن الخبرة الصحفية: رصيد الكاتب من الإلمام والمعرفة بالعمل الصحفي وفنونه المختلفة، وتأتي من التجارب المتنوعة التي يمر بها فضلا عن المران والتزود الدائم بالمعارف والمعلومات الجديدة بالمهنة،خلال فترة زمنية طويلة في الممارسات العملية.
أوقات الكتابة: صدق الكاتب الكبير الراحل عدنان كنفاني عندما نصح هامسا:
-لاتجعلين المنابر هاجسا دائما، فتهرعين لنشر حديث ماكتبتِ، فجل النقد تصيدٌ وتربصٌ، وخير مالديك يجمعهم كتاب يبقى زادا للمكتبة العربية وكفى.
بداية سجل أفكارك، دونها وأبعدها عن ناظريك، راجعها بعد وقت وسيدهشك ماكتبت..سوف تصوبها بسعادة ومتعة . ولكن..كيف سيصلون لسماع حرفنا؟.هذا مايسمى تسويق...إن البضاعة التي لايحسن صاحبها تسويقها، تبقى في دكانه حتى تتعفن،وذلك لأن بعضها وليد اللحظة والظروف، والكتابات أنواع فعلا، منها وليدة عصرها تخفت إضاءتها كلما مر عليها الزمان، ومنها مايبقى محافظا على رونقه، أو مكانته مهما مر عليه الزمن، فماهي؟.
إن الكتابات التي تحمل حكما ومعانٍ إنسانية عالية، ستبقى تكرر وتعاد، مادامت الحالات الإنسانية موجودة يكررها الزمان بوجوه متعددة، سواء أكانت روايات، أو نصوص قصصية، أو خواطر لكنها منتقاة بعناية جدا، ففن الخاطرعموما لايتمتع بالمكانة التي يحملها فن آخر، لكن جبران خليل جبران استطاع تخطي المطب والظهور كحكيم يعرف نهج الحياة، هنا يظهر حسن التسويق، وذلك أن عالمنا الآن بات أسهل وأيسر من هذه الناحية، وقد جربت حكمة كتبتها مرة ورميتها عبر تطبيق الواتس، فعادت لي بعد يومين، وهناك أمثلة كثيرة من هذا القبيل:
*هناك شيئان يجعلان الإنسان حكيما، الكتب التي يقرؤها والأشخاص الذين يقابلهم....( تشالز جونز).
*أذا أردت أن تقهر القلق وتبدأ الحياة أحص نعم الله عليك بدلا من أن تحصي متاعبك...(الكاتب الأمريكي ديل كارنيجي).
*إذا وضعت أحدا فوق قدره فتوقع منه ان يضعك دون قدرك..( الأمام علي بن أبي طالب).
*قلب لا يبالي يعيش طويلا...( شكسبير). *قمة الأدب أن يستحي الإنسان من نفسه..(أفلاطون).
*أعظم الأسباب لدفع إساءة المسيء عنك ، أن تنسى إساءته إليك..(سولون).
*كثرة حسادك شهادة لك على نجاحك..(فيثاغورث).
*السر في كونك شخصا مثيرا للملل ، هو أنك تقول كل شي..(فولتير)
*رأيك بنفسك أهم من رأي الآخرين فيك..( سنيكا)
* من يحتمل عيوبي أعتبره سيدي ولو كان خادمي..(غوتت).
تبقى هذه  المقولات قاسما مشتركا بين البشر، قد نعثر عليها ضمن نص مقالي أو روائي أو بحثي حتى، ممكن جدا، ستحفظ الحكمة، وتنسى أصل النص، وربما صاحبه حتى، لكنها قدم عصارة تجاريه الحياتية على كل حال. وخير التجارب من وضع لبنة جديدة في عمران المعارف الإنسانية، وترك بصمة بارزة ومضى.هذه هو الرصيد الحقيقي، إن كان إيجابيا، فإن لم يكن،فسوف يخلد اسمه طبعا كنموذج من الناجحين، ولكن أي نوع سيكون هذا؟.من جهة أخرى:
هناك تطرف في تسويق الاسم، لدرجة أنه قد يكون مدفوعا، مرفوعا، متسلقا لايستحق ..الخ..فهذا له دربان: شهرة في الدنيا وجحيم في الآخرة، أو كشف له في الدنيا، وخسارة كاملة في الدارين. لايهم من يوافق على هذا القول أو لا، لكن الواقع كل يقر فيه ضمنا.
كن صادقا مع نفسك، يصدقك الناس، وينهلون من حرفك الذي حمّلته معانٍ سامية وأفكارٍ جديدة، ومعارف نادرة.


الكتابة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


واقعي، رائع جداً


لنا الشرف بمروركم الكريم بمقالنا أستاذة هيفاء، سنكون بانتظاركم دوما.


في الصميم