مدونة رائد محمد حلس


عشية اليوم العالمي للعمال .. لا يزال العمال في الأراضي الفلسطينية يعانون أوضاع اقتصادية صعبة

د. رائد محمد حلس | Dr-Raid Mohammed Helles


05/05/2022 القراءات: 4114  


على الرغم من احتفال دول العالم قاطبة باليوم العالمي للعمال في الأول من أيار في كل عام ، لا يزال العمال في الأراضي الفلسطينية يعانون أوضاع اقتصادية واجتماعية ومعيشية قاسية وصعبة نتيجة ضعف قدرة السوق المحلي على توفير فرص عمل للعاطلين عن العمل خلال السنوات السابقة وكذلك الداخلين الجدد أو الباحثين الجدد عن فرص عمل في السوق المحلي حيث ارتفع عدد العاطلين عن العمل في الأراضي الفلسطيني إلى 372 ألف عاطل عن العمل في العام 2021 بعد أن كان عدد العاطلين عن العمل 335 ألف عاطل في العام 2020.
وبذلك تشكل البطالة المرتفعة في الأراضي الفلسطينية وبخاصة في قطاع غزة نتيجة الظروف الاستثنائية التي يمر بها قطاع غزة حيث وصلت إلى معدلات غير مسبوقة على مستوى العالم بنسبة 46.9% واحدة من أبرز التحديات التي تواجه الحكومة الفلسطينية والعمال وأسرهم على حد السواء.
وبلا شك يعود الارتفاع في معدلات البطالة جراء نموها الواضح في قطاع غزة في السنوات الأخيرة وتحديدا منذ العام 2007 نتيجة للسياسات الإسرائيلية التي المتمثلة في الحصار الشامل والحروب المدمرة بجانب تداعيات جائحة كورونا التي أدت في المحصلة إلى تدهور في كافة القطاعات الاقتصادية وبشكل خاص القطاعات الإنتاجية، وتحديدا قطاعي الزراعة والصناعة، مما تسبب في تدّني مساهمة هذه القطاعات في التشغيل.
كذلك التطوّرات التي طرأت على سوق العمل الفلسطيني، التي تمثل في التزايد الكبير في عرض العمالة من خريجي مؤسسات التعليم العالي، وظهور مشكلة فائض العمالة في بعض التخصّصات، وبالتالي تزايد أعداد الخرّيجين من حملة المؤهلات العلمية العالية، الناجم أساساً عن التزايد الكمّي في أعداد مؤسسات التعليم العالي، وتوسّعها في البرامج والتخصّصات التي توفّرها للطلبة، ممّا أدّى في المحصلة أيضًا إلى وجود فائض من الأيدي العاملة في الكثير من التخصّصات التي لا تنسجم مع متطلّبات واحتياجات سوق العمل.
أمام هذا الوضع الذي شهدته الأراضي الفلسطينية وكذلك سوق العمل الفلسطيني، تدخلت الحكومات الفلسطينية المتعاقبة في هذا السوق من خلال رسم وتنفيذ سياسات حكومية عامة للتشغيل في إطار الخطط والبرامج التنموية التي تهدف بشكل أساسي إلى زيادة التشغيل والحد من البطالة، لكن اصطدمت هذه التدخلات بالظروف والمحددات السياسية والاقتصادية التي قيدت هذه الخطط والبرامج وحالت دون تنفيذها، أهمها: سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الموارد الاقتصادية، والمساحات الجغرافية، والحدود ونقاط العبور، والاتفاقيات الاقتصادية المقيدّة للفلسطينيين، وذلك دون التزام إسرائيلي جدّي أو استعداد لتعديل الاتفاقيات بما ينصف الجانب الفلسطيني، واستمرار الحصار الشامل على قطاع غزة لما يزيد عن 15 عام، وبقاء الانقسام الفلسطيني بين شطري الوطن.
وبالتالي لابد من التوجه نحو إنهاء حالة الانقسام وإعادة اللحمة بين شطري الوطن والعمل بشكل موحد لحشد كافة آليات الضغط والتأثير الدولي لرفع الحصار وضمان السماح بحرية الحركة للأفراد والبضائع، بجانب ضرورة التدخّل الحكومي لتعزيز دور القطاع الخاص كفاعل هام وأساسي في عمليّة التشغيل، من خلال إقامة علاقة شراكة حقيقيّة بين القطاعين العام والخاص، تستند إلى تكامل الأدوار بينهما، وذلك للشروع في معالجة التشوّهات الهيكليّة طويلة المدى في سوق العمل، والتوجه نحو القطاعات والنشاطات الاقتصاديّة الإنتاجيّة، الّتي تخلق طلباً كبيراً على العمالة من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وإنشاء صندوق يرعى برامج الإقراض التنموي لهذه المشاريع، وتقديم التسهيلات الائتمانيّة والخدماتيّة، والمساعدات الفنيّة والتدريبيّة، والاستشارات التسويقيّة لهذه المشاريع، وبالإضافة إلى ذلك لا بد من تطوير المناهج وتجديدها من خلال إعادة النظر في المحتوى التعليمي واستبداله بمحتوى يتلاءم مع احتياجات سوق العمل ويتكيف مع متطلبات العصر.


اليوم العالمي للعمال - سوق العمل - البطالة - التشوهات الهيكلية - الأراضي الفلسطينية - قطاع غزة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع