لم نشهد من إعلامنا العربي الرسمي ولا مِن التجاري
الدكتور نايف بن ناصر المنصور | Naif naseer almansoor
20/08/2020 القراءات: 4786
الإعلام الظالم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقًّا عليه أن يدلَّ أمَّتَه على خير ما يَعلمه لهم، ويُنذرهم شر ما يعلمه لهم، وإنَّ أمتكم هذه جُعل عافيتها في أولها، وسيُصيب آخرَها بلاء وأمور تُنكرونها، وتَجيء الفتنة فيُرقِّق بعضُها بعضًا، وتَجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه، فمَن أحبَّ أن يُزحزَح عن النار ويدخل الجنة، فلتأتِهِ منيَّتُه وهو يؤمن بالله واليوم الآخر))؛ رواه مسلم.
ومِن هذه الفتن: فتنةُ البثِّ الفضائي المفتوح، التي دخلت معظم البيوت في العالم، وما بها مِن زخم البرامج، الغث منها والسمين، والنافع والضار، والمُباح والمُحرَّم.
وعبر عقود من الزمن لم نشهد من إعلامنا العربي الرسمي ولا مِن التجاري - بعد انفتاح السماء بالقنوات الخاصة والمتخصِّصة - إلا مشاهد وبرامج مِن فئة قليلة تمثِّل شريحة بسيطة من المُجتمَع بالنسبة لعدد السكان.
وصوَّرت لنا هذه الفئةُ - عبر هذه القنوات - المجتمعَ الخليجيَّ مُجتمعًا غبيًّا، فاحش الثراء، لا يتعدَّى اهتِمام الرجال فيه الزواج والتعدُّد، وجمع المادة، ولا يتعدى اهتمام نسائه مُتابعة الموضة والسفريات.
وأظهر لنا المجتمع المصريَّ بأنه مُجتمع الرقص وهز الوسط وأوكار الرذيلة والحانات، وبيَّن لنا أن بلاد الشام بلاد الفقر والرشوة وتسلُّط أصحاب النفوذ.
أما بلاد المغرب العربي، وما أدراك ما بلاد المغرب العربي؟! فالذي يُشاهد قنواتها وبرامجها، يجدها بلادًا أوربيةً لا تمتُّ للإسلام والعروبة بصِلَة، مُتمثلاً ذلك في العربية المكسَّرة، وطغيان اللهجة المحلية عليها؛ بحيث لا يحرص على متابعتها المُشاهِد العربي، ويمرُّ عليها مرور الكرام.
فسبحان الله، كيف تسلَّط الأراذل على إعلامنا، وشوَّهوا صورة مجتمعاتنا؟!
ومع ظهور الفِتَن والقلاقل في هذه البلدان فيما يُسمى في أروِقة السياسة بـ"الربيع العربي"، تتجلى حكمة المولى سبحانه في هذا الربيع؛ قال تعالى: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 216]، فضَعفت سلطة الاستِبداد على الإعلام، ونتَج عن هذا الضعف ظهور قنوات وصحُف مُتعدِّدة بمُختلف التوجهات، وأنتج من خلال بعض هذه القنوات والصحفِ برامجُ ومَشاهد عرفت لنا الخليجي بحرصه على التلاحم الوطني، ومحبَّة مُساعدة الآخرين، وإغاثة إخوانه المسلمين في كافة بقاع الأرض، وحزنه على آلام المسلمين، وعرفْنا همَّة الإنسان الشامي وإخلاصه في عمله، ومحبة زرع الهمة في أبنائه، وشاهدنا علماء المغرب العربي في حُفَّاظه المتميزين للقرآن الكريم، وفي إتقانهم لعلوم اللغة العربية والسنَّة النبوية، وسهَّلت لنا التقنية المتمثِّلة في مواقع التواصل الاجتماعي التعرف عليهم أكثر، وزيادة التواصل مع بعضنا البعض في تطوير ثقافتنا العربية، وصيانة هُويتنا الإسلامية، وكسْر حواجز سايكس بيكو، وإقصاء العنصرية مِن نفوسنا، هذا هو الواقع الآن في بلادنا العربية، وأسأل الله العلي العظيم أن يجلي الغمة عن جميع بلداننا العربية والإسلامية، وأن يوفِّق القائمين على الإعلام بكافة أنواعه إلى التقيُّد بتعاليم الدين الإسلامي والرقي بالمُجتمعات العربية إلى الأفضل، إنه جواد كريم.
الإعلام الظالم
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع