مدونة زينب صلاح إبراهيم علام


هل تؤدي الأمومة لتراجع قدارت المرأة العقلية؟

زينب صلاح إبراهيم علام | Zinab Salah Ebrahem Alam


26/08/2024 القراءات: 45  


هل كان من الممكن أن أنقذ كامل عقلي على الرغم من كوني أم؟!
سؤال تكاد تطرحه الكثيرات بعد ما يلمسنه من تبعات معناتهن في التربية وتنشئة الأبناء حيث تتخطفها الصعاب والضغوط من كل حدب وصوب ولا تشعر بنفسها وهي تتخلى شيئاً فشيئا عن اهتماماتها و روتين حياتها اليومي ولا تفطن لذلك إلا بعد أن تصحو ذات يوم على مدى ما أصاب تفكيرها من عطب ومعلوماتها من نسيان و تكتشف أنها أصحبت أخرى غير التي كانت و تظن ساعتها أن لو كانت بعد لم تخض تجربة الأمومة هذه وتتقيض بالتزامات الزواج تلك لكانت قد واصلت مسيرتها لرفع مؤشرات تلك الكفاءة البائدة عوضا عن فقدان هذا الكم الهائل منها.. فهل يا تُرىٰ ظنها هذا في محله أم أنه "لم يكن في الإمكان أبدع مما كان"، وهكذا هي طبيعة الأشياء، ولابد أن تنحصر اهتماماتها في هذا النتاج الجديد وتدور في فلكه وحسب؟.. من الطبيعي جدا أن المرأة تعطي من نفسها لأبنائها الكثير مادياً ومعنوياً وفي رحلتها لتنشئة أبنائها تواجه الكثير من المعاناة خاصة في حال تخلي الزوج (الأب) عن المساهمة بدوره المتوقع منه وإلقاء كامل العبء على كاهل الأم وحدها؛ وفي هذا مايشكل خطورة سواء على التوازن النفسي والخلقي للأبناء، أو على قدرات الأم البدنية والذهنية في آن، كما أنني أرى أن النظرة المجتمعية التي ترى أن مكان الأنثى البيت وكفى لازالت مجحفة وأن من حق الأم كأي أنثى بل كأي إنسان أن تتمثل لما خلقت له فمن وجدت في نفسها انحسار طاقتها داخل المنزل ووجدت في ذلك كفايتها وهنائها فلهذا خُلقت وفي ذلك كل الشرف وليس في ذلك ما يعيبها طبعا، وعلى الجانب الأخر ليس من حقها أن تُصدر أحكاما على أخريات - بالمناسبة أؤمن بأن أعتى أعداء النساء وأكثرهن ضراوة هن من النساء أنفسهن إن لم يكن من المقربات لهن أيضاً - كذلك فمن وجَدت في نفسها قدرات تتخطى حدود هذا العالم الصغير فمن حقها أن تخوض تجربة البحث عن الذات دون أي تأفف مجتمعى أو إنتقاص من مروئتها، بالطبع لا أقصد ها هنا أن تتخلى عن بيتها ولكن أن تُمنح الدعم للموازنة بينهما لا التعجيز والنبذ؛ لأن المحصلة في الأخير ستكون في غير صالح الجميع فاحترام الميول والقدرات وطالما كانت وفق الحدود المتعارف عليها شرعاً وعرفاً لا ينافي الطبيعة الإنسانية ولا يُحرمه الشرع بل أنه يكفينا معاناة البحث عن حلول لتلك الهجمات الشرسة التي تصوب سهامها نحو التركيب المجتمعي وغرضها فك عراه وتشتيت أفراده من نسوية ومثلية.. وغيرهما لأن المرأة ببساطة لن تكون ساعتها تحت أي ضغط يجعلها تستجيب لدعاوى من هنا أو من هناك لنيل حرية أو القفز على العادات....بل على العكس لن تجد أي داعي لذلك مادامت قد مُنحت كل الفرص الممكنة، وبذلك نسُد أي ثغرة من الممكن أن نؤتى من خلالها، كذلك فإن التنشئة الأسرية والمجتمعية لابد أن لا تنحاز لجانب الذكور على حساب الإناث من ناحية إثقال الصغيرة بأعباء منزلية ونهي الأخوة عن مساعدتها لأنها من وجهة نظر الأباء ببساطة : "شغل ستات"، بل لابد من أن نعود لديننا ونربي أبنائنا على أن قدوتنا كان كما قالت عنه أم المؤمنين - عائشة رضي الله عنها - في مهنة أهله فكان يخصف نعله ويرقع ثوبه ويَحلب شاته، فلم يكن ليفعل هذا إمامنا حتى نآتي نحن اليوم ونقول : "شغل ستات"! إنه بحق لميراث جاهلي لابد من التخلص منه لأنه ناهيك عن كونه يخالف شريعتنا الغراء فهو لم يَجر علينا سوى كل وبال وسوء مآل، فمثل تلك القيم لابد لها ولنا أن تعود لمناهج التربية الدينية، علاوة على أنه لابد من أن تُفرد وزارة التربية والتعليم منهج خاص بالأخلاق وتهذيب الأبناء والبر بالوالدين وحسن معاملة زملائهم والأكبر منهم سنا وغيرها من الأخلاقيات التي فقدها مجتمعنا وبتنا نتحسر على ماضٍ تولىٰ، ساعتها لن نعود نسمع صرخات الأمهات من المنازل ولا نظرات الكآبة التي علت الوجوة بل لابد معها أن تنحسر معدلات الجرائم وتعم الوفرة ويجود الزرع والضرع، ولم لا والحق يقول في محكم التنزيل :(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) الأعراف ٩٤، وماذا يكون الإيمان والتقوى إن لم يكونا بالعودة لتعاليم ديننا واتباع منهج نبيه وسنته؛ إيمانا بما سيتبع ذلك من خير وبركة وعموم نفع، أقول كل هذا بعد ما فعلته مناهج التغريب التي تبث سمومها ليل نهار في عقول الجميع أبناءً وأباء حتى بات الحق مماه، والحقيقة ضائعة، وبتنا كمن سقط من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيق، ولاسبيل للنجاة سوى بالعودة لما أعرضنا عنه وهجرناه آنفا، فليس السعي نحو تعليم أبنائنا لغة أجنبية بأعز من السعى نحو تعليمهم الطريقة المثلى لحياتهم بل ولنجاتهم في أخراهم أيضاً، ولاضير من أن نسير بهم نحو تحصيل النوعين معاً وليس هناك ما يُعيق غير قناعتنا بجدوىٰ ذلك، التي حتما سوف نرى ثمارها فيهم لتقر أعيننا بجيل يحمل المشعل ويضئ لمن خلفه الطريق.

زينب علام.


الأمومة، المرأة، الأخلاق، الأبناء، العربية الدينية، النسوية، التنشئة الأسرية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع