الأوبئة تختبر قدرة الذكاء الاصطناعي
31/12/2021 القراءات: 3458
يعد الذكاء الاصطناعي أحد أكثر التقنيات الجديدة شيوعًا وظهورًا، إذحظي خلال السنوات الأخيرة بالاهتمام الأبرز في عالم التفنية، وتنوعت مجالات استخدامه سواء اقتصاديا، أو عسكريا، أو صحيا، أوتعليميا، حيث عمل الذكاء الاصطناعي على تغيير نمط الحياة الانسانية، كما ساهم في حل العديد من المشكلات المعقدة، ومنها أزمة كورونا، أين تم استخدام الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية، مما سمح للبشر باكتساب رؤى غير مسبوقة في الكشف المبكر عن الأمراض، واكتشاف الأدوية، والتشخيص ومن هذا المنطلق يتبادر إلينا هذا السؤال: ما مدى فعالية الذكاء الاصطناعي أثناء تفشي الأوبئة على غرار وباء كورونا ؟ إن المتتبع بعد عام 2000 سيجد أن الأوبئة تختبر قدرة الذكاء الاصطناعي على التعامل مع الأحداث المتطرفة، والأزمات المعقدة ذات الانتشار والتأثير العالي على البشر، لأن الأدوار المختلفة التي يفترض أن يلعبها الذكاء الاصطناعي أثناء الأوبئة هي الإنذار المبكر والتنبيهات، والتنبؤ بكشف تفشي الأمراض، ورصد الأمراض في الوقت الحقيقي في جميع أنحاء العالم، ثم تحليل وتصور اتجاهات الانتشار، والتنبؤ بمعدل واتجاه العدوى، واتخاذ القرارات السريعة لتحديد العلاجات الفعالة ودراسة وتحليل مسببات الأمراض واكتشاف الأدوية، وهذا لن يتم إلا باستخدام الذكاء الاصطناعي الذي يتضمن حاليًا حسب مجموعة من التعاريف والدراسات على غرار دراسة سيو 2020 "معالجة اللغة الطبيعية وتطبيقات رؤية الكمبيوتر والتعلم الآلي، بالإضافة إلى التعرف والتنبؤ باستخدام النماذج القائمة على البيانات الضخمة". و تُستخدم وظائف الذكاء الاصطناعي هذه على نطاق واسع في تتبع حالات الوباء والتنبؤ بها وتشخيص الأمراض وتحديد جهات الاتصال وتحسين استراتيجيات الوقاية من الجوائح وتطوير اللقاحات والأدوية، ففي ووهان الصينية رأينا استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة للتمييز بين COVID-19 وأنواع أخرى من الالتهاب الرئوي في غضون ثوانٍ من خلال تحليل صور مسح الصدر المقطعي المحوسب للمرضى ما يبرز إمكانات كبيرة لتخفيف الضغط عن أطباء الأشعة في الخطوط الأمامية، وتحسين التشخيص المبكر والعزل والعلاج، وبالتالي المساهمة في السيطرة على الوباء. كما تم تصميم نموذج التعلم العميق COVID ‐ Net للكشف عن حالات COVID 19 الإيجابية من الأشعة السينية للصدر وتسريع العلاج لمن هم في أمس الحاجة إليه، بالمقابل تم نشر العديد من أنظمة كاميرات الرؤية الحاسوبية القائمة على الذكاء الاصطناعي في الصين، وفي جميع أنحاء العالم لفحص الحشود بحثًا عن أعراض COVID-19 ومراقبة الأشخاص أثناء عمليات الإغلاق، من جهة تم نشر الذكاء الاصطناعي للكشف عن العلامات المرئية للالتهاب الرئوي المرتبط بـ Covid-19 على الصور المأخوذة من فحوصات الرئة المقطعية، وعلى الرغم من أن تقنية الذكاء الاصطناعي وحدها لا يمكنها تأكيد حالات COVID-19 ، إلا أنها تساعد في تقليل العبء على مقدمي الرعاية الصحية وتوجيه الموارد المحدودة من خلال تحديد الحالات المحتملة. ومن المثير للاهتمام، أيضا أن روبوتات الخدمة الذاتية والروبوتات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي استخدمت في مستشفيات ووهان، وبالتالي على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي لم يتطور بوتيرة تمكنه من التغلب على الوباء إلا أن دوره تزايد بشكل كبير، حيث رأينا كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورًا مهما في السيطرة على الوباء كأداة للإشراف على المحتوى و في خدمة التنبؤ بالجائحة، و كأداة للتنقيب عن البيانات العلمية،وتشخيص المرضى، بل حتى قبل أن يصبح Covid-19 جزءًا من عالمنا اليومي، وقد اجهت منصات مثل Amazon و Facebook و Google و YouTube و Twitter مشكلات خطيرة في أتمتة أدوات الاستماع وتعديل المحتوى بشكل صحيح، و في نهاية المطاف، كافحت هذه المنصات لمواكبة التدفق الهائل للمحتوى المنشور والإعلانات الموضوعة وتحميلها كل يوم إذ تتطلب الفصل البشري في الشكاوى. ومع انتشار الوباء على مستوى العالم يلجأ الباحثون إلى الذكاء الاصطناعي لمساعدتهم على استخراج البيانات بشكل أفضل من أجل الحصول على رؤى حول فيروس كورونا الجديد من خلال إيجاد اتصالات أكثر دقة عبر المزيد من البيانات." أما من زاوية عرض مدى ايجابيات هذه التقنيات، يمكن القول ليست كل استخدامات الذكاء الاصطناعي أثناء الجائحة خالية من الجدل، فهناك تقارير تفيد بأن تقنية التعرف على الوجه وتحديد الموقع الجغرافي تُستخدم في الصين لتتبع الأفراد الذين ربما يكونون على اتصال بأشخاص مصابين، كما تم أيضًا استخدام هذه الأدوات لتتبع مدى الامتثال لأوامر العزل الذاتي، والحجر الصحي، على الرغم من عدم اختيار الحكومات الديمقراطية لنشر هذه الأدوات بسبب مخاوف الخصوصية، كما لا يمكن أن يحل الذكاء الاصطناعي محل الدماغ البشري، ومع ذلك نحن بحاجة إلى استكشاف وتطوير قدرات الذكاء الاصطناعي للوقاية من الأوبئة ومكافحتها مستقبلا. نافلة القول رغم كل هذه الاستخدامات والتطور لا يزال الذكاء الاصطناعي يواجه العديد من التحديات ولا يمكنه حل جميع المشكلات بالكامل، خاصة في ظل الأوبئة، حيث كشف الوباء الأخير عن عدد لا يحصى من أوجه القصور في بيانات الرعاية الصحية على مستوى العالم، بالإضافة إلى عدم مشاركة هذه البيانات، وعدم التوافق بين نهج علم البيانات في علم الأوبئة والطبيعة المعقدة للأوبئة مع درجة عالية من السلوك البشري وعدم اليقين الطبي الحيوي، لهذا للقضاء على الوباء، تحتاج الانسانية إلى استراتيجية استباقية ، وهنا يطرح تساؤل آخر مفاده: كيف يمكن أن يكون للذكاء الاصطناعي دورًا قويًا في الإدارة المستقبلية للأوبئة؟ في هذا الصدد يؤكد علماء الأوبئة على اتخاذ خطوات لمكافحة هذه الأزمة من حيث معرفة من هو المصاب بالمرض، ثم دراسة البيانات للتنبؤ بشكل موثوق بمن سيحصل عليها، وبشكل عام يمكن للذكاء الاصطناعي الفعال إما تكرار ما يمكن أن يفعله البشر بشكل أسرع وأكثر اتساقًا أو يمكن لهذه الأنظمة القيام بأشياء يستطيع البشر فعلها.
الذكاء الاصطناعي، الأوبئة، البيانات،منظمة الصحة العالمية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع