مدونة د.اعتزاز عبدالرحمن مصطفي محمداني
الإسكان في الدول العربية: التحديات والحلول في ظل الأزمات الإنسانية"
اعتزاز عبدالرحمن مصطفي محمداني | Dr. Eatezaz Abdelrahman Mohammedani
09/10/2023 القراءات: 1685 الملف المرفق
في الخامس من أكتوبر من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للإسكان، الذي يهدف إلى التوعية بأهمية توفير مساكن آمنة وملائمة لجميع الناس ولكن في العالم العربي، حيث تواجه قضية الإسكان تحديات كبيرة ونتذكر معاناة الملايين من الناس الذين فقدوا منازلهم ، خاصة في ظل الأزمات والكوارث التي شهدتها في الآونة الأخيرة. ففي السودان، أدت الحرب والنزاعات لتي اندلعت في ابريل 2023 إلى تشريد ملايين الأشخاص وتدمير مئات آلاف المنازل(مرفق 1). وفي المغرب، ضرب زلزال قوي الماضي، مخلفاً خسائر بشرية ومادية هائلة( مرفق 2). وفي ليبيا، اجتاح إعصار مدمر سواحل طرابلس في شهر سبتمبر2023 (مرفق 3)، كما شهدت سوريا واليمن وليبيا والعراق وغيرها تدمير الآلاف من المساكن بسب الحروب ، هذه الأحداث المأساوية تظهر حجم الحاجة إلى تعزيز قدرات الدول العربية على التخطيط والإدارة والتمويل لقطاع الإسكان، وتشجيع التعاون والتضامن بينها لمواجهة التحديات المشتركة. يعتبر الإسكان حقاً أساسياً للإنسان ومن شروط الحياة الكريمة، ومقياساً لمستوى التنمية والرفاهية في المجتمعات ولكنه يواجه تحديات كبيرة في الدول العربية. في هذا المقال، أود أن أتحدث عن بعض هذه التحديات والحلول الممكنة في ظل الأزمات الإنسانية التي تشهدها المنطقة العربية فالواقع يشير إلى أن هناك عجزاً كبيراً في توفير الإسكان الملائم والميسر للفئات المحتاجة في الدول العربية، خاصة في ظل الأزمات الإنسانية التي تشهدها بعض هذه الدول نتيجة للصراعات والحروب والكوارث الطبيعية. وفقاً لتقرير مشترك بين برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN-Habitat) والجامعة العربية، يحتاج نحو 58 مليون شخص في 11 دولة عربية متضررة من الأزمات إلى مساعدة إسكانية عاجلة، سواء في صورة إصلاح أو إعادة بناء أو تأهيل أو توفير بدائل مؤقتة. أولاً، من أبرز التحديات هو نقص الموارد المالية والمادية لتوفير الإسكان الملائم للفئات الأكثر احتياجاً، خاصة اللاجئين والنازحين والمتضررين من الحروب والكوارث. ففي ظل ارتفاع تكاليف الإسكان وانخفاض مستوى الدخل، يصبح من الصعب على هذه الفئات تأمين مأوى آمن وصحي ومستدام. كما أن هناك نقصاً في التخطيط العمراني والتشريعات القانونية التي تضمن حقوق المستأجرين والملاك وتحميهم من التهجير والإخلاء. ثانياً، من التحديات المهمة هو عدم كفاية البنية التحتية والخدمات الأساسية المرتبطة بالإسكان، مثل الماء والكهرباء والصرف الصحي والنفايات. ففي ظل ضعف القدرة الحكومية على تقديم هذه الخدمات، يعاني سكان الإسكانات غير الرسمية والعشوائية من نقص في جودة المعيشة وزيادة في مخاطر الأمراض والتلوث. كما أن هذه الإسكانات تشكل خطراً على البيئة والتنوع الحيوي نتيجة للاستغلال غير المستدام للموارد الطبيعية. ثالثاً، من التحديات التي تواجه الإسكان في الدول العربية هو قلة المشاركة المجتمعية والشراكة بين مختلف الجهات المعنية، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي. ففي ظل غياب رؤية مشتركة وآليات تنسيق فعالة، يصبح من الصعب تحقيق التكامل بين جهود المؤسسات الحكومية والخاصة والأهلية في مجال تطوير وتحسين قطاع الإسكان. كما أن هناك حاجة إلى تعزيز دور المجتمع المدني والمواطنين في المشاركة في صنع القرارات والرقابة على تنفيذ المشاريع والبرامج المتعلقة بالإسكان. ولا بد ان نستوقف عند بعض التجارب والدروس المستفادة من بلدان عربية نجحت في تحسين وضع الإسكان لشرائح مختلفة من المجتمع، مثل تجربة مصر في إعادة تأهيل المناطق العشوائية، وتجربة تونس في دعم الإسكان التضامني، كما لا بد من دعم مبادرات التأهيل والتجديد للأحياء والمباني القديمة، بحيث تحافظ على هوية المكان وتحسن من جودة الحياة للسكان. أن إعادة تجديد الإسكان للمناطق المضررة بسبب الحروب والنزاعاتت او الكوارث هو تحدي كبير يستوجب جهوداً مشتركة بين جميع المعنيين، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي.والتى تستوجب ربما حلولاَ لأسكان مؤقت أو مساكن للطوارئ او مستدامة للنازحين وإيجاد حلول مبتكرة بتطوير مواد البناء المحلية لاستفادة من البيئة والطاقات البديلة كمصدر للكهرباءز يجب أن نتضامن بكل ما نستطيع من خبرات وإمكانات يمكن من خلالها أن نحقق حلم كل إنسان في الحصول على مسكن كريم يضمن له حياة سعيدة وآمنة في العالم العربي. أن هناك حاجة ماسة إلى إيجاد حلول جذرية وشاملة لمشكلة الإسكان في الدول العربية، تأخذ بعين الاعتبار الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي للمنطقة. ومن بين هذه الحلول، أقترح ما يلي: - زيادة التمويل والاستثمار في قطاع الإسكان، سواء من خلال الموازنات الوطنية أو التعاون الدولي أو الشراكات بين القطاعين العام والخاص، لتوفير خيارات إسكان متنوعة وميسورة التكلفة ومتوافقة مع المعايير الدولية. - تحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية المرتبطة بالإسكان، من خلال تطوير وتحديث شبكات الماء والكهرباء والصرف الصحي والنفايات، وتطبيق مبادئ الإدارة المتكاملة للموارد المائية والطاقة والنفايات، وتعزيز استخدام التقنيات الحديثة والمتجددة. - تعزيز المشاركة المجتمعية والشراكة بين مختلف الجهات المعنية بقطاع الإسكان، من خلال إشراك المجتمع المدني والمواطنين في تحديد الاحتياجات والأولويات والحلول، وإقامة آليات تشاور وحوار دائمة بين الحكومات والمؤسسات المحلية والإقليمية والدولية، وتبادل الخبرات والمعرفة. في ختام هذه المقالة، أود أن أؤكد على أهمية قضية الإسكان في الدول العربية، تستحق المزيد من الاهتمام والدعم من جانب كافة المسؤولين والفاعلين. فإن تحقيق حق الإنسان في الإسكان لا يعود بالفائدة فقط على صحته وأمنه ورفاهه، بل يسهم أيضاً في تحقيق التنمية المستدامة والسلام الإجتماعي في المجتمعات العربية. المراجع : UN-Habitat and League of Arab States (2021). Housing in Arab States: Challenges and Solutions in the Context of Humanitarian Crises. Nairobi: UN-Habitat
إسكان - تنمية - أزمات وكوارث - استراتيجيات - شراكة - ابتكار
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
ماشاء الله تبارك الله سعادة د. اعتزاز زادكم الله علما ومعرفة ونفع بكم ...
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة