مدونة الاستاذ الدكتور مقتدر حمدان عبد المجيد


الكسب في السنة النبوية الشريفة ج 1

الاستاذ الدكتور مقتدر حمدان عبد المجيد الكبيسي | Prof. Dr. Muqtadir Hamdan Abdul Majeed


27/06/2020 القراءات: 4142  


وردت عدة أحاديث تبرز مكانة العمل في الإسلام وارتباطه بعقيدة المؤمن ، وفريضته على كل مسلم قادر عليه ، ومشابهته للجهاد في سبيل الله ، فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الكسب عن طريق العمل اليدوي والاعتماد على النفس . فعن رافع بن خديج قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : ( العامل بالحق على الصدقة ، كالغازي في سبيل الله حتى يرجع إلى بيته ) . وعن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ان الله يحب المؤمن المحترف ) . وعن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ان من الذنوب ذنوباً لا تكفرها الصلاة ولا الصيام ولا الحج ولا العمرة ، قالوا : فما يكفرها يا رسول الله ؟ قال : الهموم في طلب المعيشة ) ، ذلك ان عمل الإنسان كالعبادة ، استحق بأدائه مغفرة بعض الذنوب التي لا تكفي لغفرانها أداء العبادات فقط .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عمل الرجل بيده ، وكل بيع مبرور ) . أي كل ما يكسبه الإنسان عن طريق الحلال . ومن حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على العمل فهو يريد ان يملأ الانسان فراغه بالعمل المنتج لا ان يقضيه بالتسكع واللهو ، ولا سيما فراغ الشباب ، لان هذا الفراغ اذا استغل بالجد والعمل يحقق لصاحبه حياة جادة مملوءة بالحركة والنشاط ، ومن خلال الحركة والنشاط يستطيع ان يوفر رزقه ومستلزمات حياته الاخرى قال صلى الله عليه وسلم : ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ) .
فالعمل في الإسلام عنصر من العناصر الاساسية في جلب مصلحة الدنيا والاخرة والنشاط الاقتصادي هو الطريق إلى تحصيل مطالب الحياة المعيشية ولكن كيف عمل الرسول على الترغيب في العمل وجعله وسيلة من وسائل الإنتاج في النشاط الاقتصادي :
1 ـ انه صلى الله عليه وسلم جعل العمل بمستوى العبادة في سبيل الله ، فالعبادة عمل والعمل عبادة في نظر الإسلام فجعل العبادة عشرة اجزاء تسعة منها في طلب الحلال .
2 ـ جعل صلى الله عليه وسلم طلب الحلال جهاداً في سبيل الله والمعروف ان طلب الحلال لا يأتي الا بالعمل الصالح فقال : ( طلب الحلال جهاد في سبيل الله ) . والجهاد في سبيل الله عبادة من العبادات .
3 ـ عد الرسول صلى الله عليه وسلم العمل وسيلة من وسائل تكفير الذنوب اذ قال : ( ان من الذنوب ذنوباً لا تكفرها الصلاة ولا الصيام ولا الحج ولا العمرة ، قالوا : فما يكفرها يا رسول الله ؟ قال : الهموم في طلب المعيشة ) . والمعروف في شريعة الإسلام ان الذنوب تمحى وتغفر بالتوبة والاستغفار وتمحى وتغفر بالصلاة والحج والصوم والرسول صلى الله عليه وسلم جعل العمل في طلب المعيشة ازاء هذه الفرائض .
4 ـ جعل الرسول صلى الله عليه وسلم العمل في سبيل النفس والوالدين والعيال شهادةً وجهاداً في سبيل الله . فقال صلى الله عليه وسلم : ( من سعى على نفسه ليعزها ويغنيها فهو شهيد ، ومن سعى على والديه ليعفهما فهو مجاهد ، ومن سعى على عياله فهو في سبيل الله ، ومن سعى مكاثراً فهو في سبيل الشيطان ) .
5 ـ وترغيباً في العمل اخبر صلى الله عليه وسلم ان الأنبياء كانوا يأكلون من عمل أيديهم ، فقال : ( وما أكل احد قط خيراً من ان يأكل من عمل يده وان نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده ) . واخيراً اخبر النبي ان الأنبياء عليهم السلام قد عملوا رعاة للغنم قبل ان يُبعثوا وانه صلى الله عليه وسلم قد رعاها لأهل مكة .


الكسب


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع