الطاقة الشمسية: أيهما أكثر كفاءة، الكهروضوئية أم الحرارية؟
ميلاس عبدالصمد | MILLES ABDESSMAD
04/02/2025 القراءات: 13
الطاقة الشمسية تعد من بين أهم مصادر الطاقة المتجددة التي تشهد تطورًا سريعًا، حيث يتم استغلالها بطريقتين رئيسيتين: الطاقة الشمسية الكهروضوئية والطاقة الشمسية الحرارية. تعتمد الأولى على الخلايا الشمسية التي تحول أشعة الشمس مباشرة إلى كهرباء عبر التأثير الكهروضوئي، بينما تعتمد الثانية على تركيز الأشعة الشمسية باستخدام المرايا لتسخين سائل ناقل للحرارة، والذي يستخدم بدوره لإنتاج بخار يشغل التوربينات المولدة للكهرباء. وفقًا لتقرير "إحصائيات القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة 2024" الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا)، بلغ إجمالي القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة عالميًا في عام 2023 حوالي 3,870 جيجاواط، مع إضافة 473 جيجاواط خلال ذلك العام. من بين هذه الإضافات، كانت حصة الطاقة الشمسية الكهروضوئية 345.5 جيجاواط، مما يعكس النمو السريع لهذا القطاع. تصدرت الصين قائمة الدول الرائدة في الطاقة الشمسية الكهروضوئية بقدرة مركبة تتجاوز مئات الغيغاواط، تليها الولايات المتحدة التي تستثمر بكثافة في هذا المجال، خصوصًا في ولايات مثل كاليفورنيا، ثم ألمانيا التي كانت من أوائل الدول التي تبنت هذه التقنية على نطاق واسع رغم قلة أشعة الشمس مقارنة بدول أخرى. أما في مجال الطاقة الشمسية الحرارية، فتعد إسبانيا من بين الدول الرائدة، حيث أقامت العديد من المحطات التي تعتمد على تقنية التركيز الشمسي، إلى جانب الولايات المتحدة التي تمتلك مشاريع ضخمة مثل محطة "Ivanpah" في صحراء كاليفورنيا. في العالم العربي، برزت الإمارات والمغرب بإنشاء محطات واسعة مثل "شمس 1" و"نور"، واللتين تمثلان استثمارات ضخمة في مجال الطاقة المتجددة. في الجزائر، تُعد الطاقة الشمسية موردًا استراتيجيًا بفضل معدلات الإشعاع الشمسي المرتفعة، والتي تصل إلى حوالي 170 تيراواط ساعي سنويًا. حتى نهاية ديسمبر 2023، بلغت القدرة المركبة للطاقات المتجددة 600.9 ميغاواط، منها 472 ميغاواط من مصادر غير كهرومائية. وفي إطار تعزيز استغلال هذه الموارد، أطلقت الجزائر مشروعًا طموحًا يهدف إلى إنتاج 15 جيغاواط من الطاقة الشمسية بحلول عام 2030، مع توقيع عقود لإنجاز 3,200 ميغاواط من خلال مناقصات أطلقتها شركة سونلغاز. بالإضافة إلى ذلك، تم وضع حجر الأساس لأول محطة ضمن مشروع يهدف إلى إنشاء 15 محطة للطاقة الشمسية بقدرات تتراوح بين 80 و220 ميغاواط لكل منها، مما يعزز مكانة الجزائر في مجال الطاقة المتجددة. عند مقارنة الجدوى الاقتصادية بين الطريقتين، نجد أن تكلفة الاستثمار الأولي للطاقة الشمسية الكهروضوئية أقل من نظيرتها الحرارية، مما يجعلها أكثر انتشارًا خاصة في المشاريع الصغيرة والمتوسطة. متوسط كفاءة الألواح الكهروضوئية يتراوح بين 15 و22 بالمئة، بينما تصل كفاءة أنظمة الطاقة الشمسية الحرارية إلى حوالي 30 أو 40 بالمئة، وذلك بفضل استخدام تقنيات التركيز والتخزين الحراري. استرداد تكلفة الاستثمار في المشاريع الكهروضوئية يتم خلال فترة تتراوح بين خمس إلى سبع سنوات، بينما قد يستغرق استرداد الاستثمار في محطات الطاقة الحرارية مدة تصل إلى 10 أو 15 سنة، نظرًا للتكلفة العالية لإنشاء البنية التحتية. ومع ذلك، تتميز الأنظمة الحرارية بإمكانية تخزين الحرارة واستخدامها في فترات المساء، مما يمنحها ميزة الاستمرارية مقارنة بالخلايا الكهروضوئية التي تحتاج إلى بطاريات مكلفة للتخزين. أشار تقرير آيرينا إلى أن 81% من مشاريع الطاقة المتجددة الجديدة في عام 2023، أي ما يعادل 382 جيجاواط، كانت تكاليف إنتاجها أقل من بدائل الوقود الأحفوري. بالنسبة للطاقة الشمسية الكهروضوئية، انخفضت تكاليف إنتاج الكهرباء إلى حوالي 4 سنتات أمريكية لكل كيلوواط ساعي، مما يجعلها أقل بنسبة 56% مقارنة بخيارات الوقود الأحفوري والنووي. بالإضافة إلى ذلك، انخفضت تكاليف بطاريات التخزين بنسبة 89% بين عامي 2010 و2023، مما ساهم في دمج حصص كبيرة من قدرات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في شبكات الكهرباء. هذه الأرقام تعزز الجدوى الاقتصادية للطاقة الشمسية الكهروضوئية وتبرز دورها المتزايد في مزيج الطاقة العالمي. رغم الإمكانيات الكبيرة التي توفرها الطاقة الشمسية، إلا أن انتشارها يواجه تحديات عديدة. من الناحية التقنية، تعاني الألواح الكهروضوئية من مشكلة التخزين، حيث لا يمكنها توليد الكهرباء ليلًا دون بطاريات، في حين تتطلب محطات الطاقة الحرارية مساحات شاسعة، مما يحد من انتشارها في الدول ذات الكثافة السكانية العالية. من الناحية الاقتصادية، تظل تكاليف الاستثمار الأولي مرتفعة، خصوصًا في مشاريع الطاقة الحرارية التي تحتاج إلى تجهيزات متقدمة. أما بيئيًا وجغرافيًا، فإن بعض الدول لا تمتلك إشعاعًا شمسيًا كافيًا على مدار العام، بينما تحتاج محطات الطاقة الحرارية إلى كميات كبيرة من المياه للتبريد، وهو ما يمثل تحديًا في المناطق الجافة. لتعزيز الاعتماد على الطاقة الشمسية، ينبغي التركيز على تطوير الأبحاث العلمية لتحسين كفاءة الخلايا الشمسية وتقنيات التخزين، إلى جانب توفير حوافز حكومية مثل الإعفاءات الضريبية والدعم المالي للمستثمرين. كما يمكن تعزيز الاستثمار في تقنيات تخزين الطاقة الحرارية والبطاريات المتطورة لضمان استمرارية الإنتاج الكهربائي. يمكن أيضًا تعزيز التعاون الدولي لتبادل التكنولوجيا والخبرات، خاصة بين الدول الرائدة والدول النامية، بالإضافة إلى نشر الوعي حول فوائد الطاقة الشمسية ودورها في تحقيق الاستدامة. من خلال هذه الجهود، يمكن تسريع التحول نحو مستقبل طاقوي أكثر استدامة يعتمد بشكل أكبر على الطاقة الشمسية كمصدر رئيسي للطاقة النظيفة.
الطاقة الشمسية، الكهروضوئية، الحرارية، الجدوى الاقتصادية، الاستدامة.
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة