د.نوال الصادق أحمد الطيب السفوري


العلم والحكمة : ثنائية بناء المعرفة الإنسانية

د.نوال الصادق أحمد الطيب السفوري | Dr.Nawal Elsadig Ahmed Eltaieb Elsafory


01/02/2025 القراءات: 16  


العلم والحكمة: ثنائية بناء المعرفة الإنسانية.
العلم والحكمة من أهم الركائز الأساسية في بناء المعارف الإنسانية لخلق شخصية متوازنة في مجتمع مثالي..فبالعلم تكتسب المعارف وبالحكمة يتوصل إلى الطريق الصحيح لاستخدام المعارف.
قال تعالى:(یُؤۡتِی ٱلۡحِكۡمَةَ مَن یَشَاۤءُۚ وَمَن یُؤۡتَ ٱلۡحِكۡمَةَ فَقَدۡ أُوتِیَ خَیۡرࣰا كَثِیرࣰاۗ وَمَا یَذَّكَّرُ إِلَّاۤ أُو۟لُوا۟ ٱلۡأَلۡبَـٰبِل)
البقرة ٢٦٩
وقال تعالى:( وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا لُقۡمَـٰنَ ٱلۡحِكۡمَةَ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِلَّهِۚ وَمَن یَشۡكُرۡ فَإِنَّمَا یَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِیٌّ حَمِیدࣱ) لقمان أية ١٢
الحديث النبوي الشريف الذي أخرجه الترمذي وابن ماجه:(الكلمة الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها.)
فتطبيق هذه الثنائية بين العلم والحكمة يؤكد لنا أن العلم بدون حكمة سيؤدي إلى سوء استخدام المعارف ، بينما الحكمة بدون علم ستكون مجرد آراء تنقصها الأدلة والبراهين.. لذا تأتي هنا ضرورة التلازم والجمع بينهما لتكتمل الصورة.
والحكمة تعني الفهم العميق والعلم النافع الذي يترجم إلى عمل صالح
والحكمة جاءت في تعريفات كثيرة للعلماء أشهرها: أنها وضع الشيء في موضعه...
لكن من التعريفات المعاصرة لكلمة الحكمة:
أنها العلوم النافعة والمعارف الصائبة والعقول المسددة والألباب الرزينة وإصابة الصواب في الأقوال والافعال ( تيسير الكريم الرحمن، السعدي ص٣٣٢)
والعلم هو : الاعتقاد الجازم المطابق للواقع ، ونقل عن الحكماء فقال : هو حصول صورة الشئ في العقل ( الجرجاني)
فما هو وجه الشبه بين الاثنين ؟
أولا: كلاهما يفيد المرء ويورث صاحبه قبولاً ومكانة رفيعة بين الناس.
كلاهما يتطلب التعلم ويؤدي إلى التقدم..
العلم يعطي المعرفة وبالحكمة توجه المعرفة..
الحكمة توجه العلم والعلم يغذي الحكمة. بدون العلم تكون الحكمة محدودة ،
ثانياً: لا يمكن تحصيل العلم وبذله للآخرين بدون حكمة.
ثالثا: ربما تكون هناك أضرار تترتب على أخذ العلم بدون حكمة .
بدون الحكمة قد يكون العلم ضار..كيف ذلك ؟:
خطورة استخدام العلم بدون حكمة لأنه بهذه الطريقة يفتقر لعنصر الأخلاق وهي أحد القيم التي تشتمل عليها الحكمة العلم بدون حكمة ربما كان خطرا على البشرية
وذلك بأسباب سوء الاستخدام وتجاهل العواقب وفقدان التوجه وعدم مراعاة الحاجة الإنسانية
وانعدام المسؤولية وفقدان البعد الإنساني.
والأمثلة على ذلك كثيرة جدا نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
العلم في مجال الطب : يحتاج الطبيب للعلم والمعرفة الطبية وكل آلية تساعده في ذلك لا سيما التطور التكنولوجي الحديث ؛ فإذا حاز كل العلوم والمعارف وآخر التطورات في هذا المجال لكنه افتقر إلى الحكمة أو بتعبير أدق افتقر إلى أخلاقيات المهنة والتي يمليها عليه الدين الإسلامي فما هي المحصلة؟!
ستكون حياة الإنسان في خطر...
أيضا كمثال آخر التطور العلمي في مجال الفيزياء النووية أفرز لنا القنابل الذرية
التقدم العلمي في الصناعات أدى إلى التلوث البيئي ....
أيضا في هذا العصر الحديث وفي مجال التكنولوجيا:
كيف يتصور الواقع في حال استخدامها بمنأى عن الحكمة والأمانة والمسؤولية الاجتماعية والأخلاقية ؟!
لا شك أنها ستكون وبال على الإنسانية.
النتيجة النهائية هي الحصول على كوارث إنسانية بسبب الفصل بين العلم والحكمة سواء بقصد او بدون قصد..
فمن أولى الأولويات أن يوضع في الاعتبار التكامل بين الاثنين وتحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية في هذا المنحى الحيوي والذي يتعلق بحياة الإنسان وتحقيق العبودية الحقة لله تعالى واستخلافة على أرضه جل في علاه.
إذا بالدمج بين العلم والحكمة معا نمتلك مفتاح الترقي والتطور في كل جوانب الحياة وبدون مراعاة هذه الثنائية سيكون العلم معولا لهدم القيم والأخلاق وقلب لموازين الحياة الإنسانية


العلم/ الحكمة/ ثنائية/ المعرفة/ الإنسانية.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع