الصحة الفكرية في ضوء مشروع نبلاء
حسن الخليفة عثمان | Hassan Elkhalifa Osman Aly Ahmed
12/01/2020 القراءات: 4016
خُلاصةُ التدوينة: تعريف لمصطلح الصّحة الفكرية، وهدفها: الإسهام العِلمي بالتعريف المذكور، وتوثيقه، وإضافته إلى مكتبة التعريفات للمصطلحات، وعزوه للباحث، ونشره بالمجلة المختصة إذا كان ذلك مناسبًا، ومتاحًا، وغايتها: إلقاء الضوء على مسارٍ حضاري جديدٍ، باجتهادٍ رؤيويٍّ معاصرٍ، وأهميّتها تتجلّى في أن المصطلحات هي مفاتيح العلوم، كما ذكر الخوارزمي، وما رفعته الشبكة العالمية للمصطلحات في فِينّا بالنمسا من شعار: "لا معرفة بلا مصطلح".
كما إنني أُدركُ خطورة الهزيمة في معركة المصطلحات، وآثارها، وأعي خطورةَ الانحرافِ الفِكري، وتبعاته العاجلة، والآجلة، والتي يوجزها حديثُ النبي صلى الله عليه وسلم: {لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ} (مُتفقٌ عليه).
الموضوع:
إذا اعتلَّ فِكرُ الإنسانِ اختلَّ كلُ شيء في حياته؛ فالمرء رهينُ فِكره. هذه خلاصة تختصر أهميةَ الصحةِ الفِكريّةِ في حياةِ الإنسان، وتُحدّدُ سببَ الخَلَلِ في مسيرته، منذ لحظةِ الانحرافِ الفكري الأولى له على الأرض، حين فكّر، وقدّر؛ فطوّعت له نفسُه قتلَ أخيه فقتله؛ فأصبح من الخاسرين. ومنذ ذلك الحين، وحتى قيامِ الساعةِ، يبقى كلُ ما يُكدّر حياتَه من خَللٍ، أثرًا لما يعتري فِكرَه من عِللٍ. ولـمّا كان وصفُ مشروعِ نبلاء: أنه مشروعٌ حضاريٌّ، يهدف إلى العبورِ بالأوطانِ، والأممِ، إلى "عصرِ الحكمة"، بما يفرضه ذلك الوصفُ من ضرورةِ الفقهِ بمفهومِ الحضارةِ، ومقوماتِها، ومنطلقاتِها، وأهدافِها، وغاياتِها، وخصائصِها، ومشكلاتِها التي أَنفقَ في نظرها، وبحثها، أعمارَهم مفكرون عظماءُ، لم يكن العظيمُ: مالك بن نبي (1973-1905م)، هو الوحيد في ذلك، لكنّه كان فريدَ عصرِه المتميّزَ في ثمار التفكير، وعُمقِ النظر. وفي ضوء ما سلف، وبعد البحث، فقد وقفتُ على أهميّة تعريفِ "الصحة الفكرية"، ذلك المصطلح الحديث المولد، الهام في قيمته؛ لمسيس الحاجةِ العِلميِّة إليه في كثير من مجالات العلوم الإنسانية، وفي مجالات الفكر الإنساني، والحضاري. وقد قمتُ بذلك العملِ من خلال مشاركةٍ عِلميّةٍ في "المؤتمر الدولي الرابع للتدريب" الذي عقده الاتحادُ العربي للتدريب التربوي، بمدينة الاسكندرية، بجمهورية مصر العربية، تحت عنوان "الصحة الفكرية". وقد جاءت المشاركة بعنوان: "الصحة الفكرية في ضوء مشروع نبلاء" ولعل من نافلة القول هنا: الإشارة إلى أن المحتوى لم يتم نشره على منصةٍ أخرى، أو موقعِ نشر يُخل بضوابط نشر المدونة على منصة أريد.
صفوة القول:
لقد وضعتُ تعريفَ "الصحة الفكرية" فِي ضَوْءِ التَعْرِيف اللُّغَوِيّ وَالاِصْطِلَاحِيّ لِلصِّحَّةِ، وَما نَصّ عليه تَعْرِيفُ مُنَظَّمَةِ الصِّحَّةِ العَالَمِيَّةِ لَهَا، وَفِي ضَوْءِ أَنَّ السَّلَامَةَ المَعْنِيَّةَ هِيَ سَلَامَةُ الفِكْرِ، وَأَنَّ كَلِمَةَ "الفِكْرِيَّةُ" جَاءَتْ نَعْتًا لِكَلِمَةِ الصِّحَّةِ، وَجَاءَتْ مَعْرِفَةً تُفِيدُ التَّوْضِيحَ، وَهِيَ اِسْمُ مُؤَنَّثٌ مَنْسُوبٌ إِلَى فِكْرٍ، وَفِي ضَوْءِ التَّعْرِيفِ اللُّغَوِيِّ، وَالاِصْطِلَاحِيِّ لِلفِكْرِ، وَفِي ضَوْءِ مَا وَرَدَ ذِكْرُهُ عَنْ السَّعَادَةِ كَغَايَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ البَشَرِ فِي الحَيَاةِ عِنْدَ الفَلَاسِفَةِ، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَهَمِّيَّةِ الاِسْتِقَامَةِ، وَالفَضِيلَةِ، وَعَلَاقَتِهِمَا بِالسَّعَادَةِ، وَفِي ضَوْءِ أَنَّ المُسْلِمَ يَدْعُو رَبَّهُ في الفريضة سَبْعَةَ عَشْرَ مَرَّةً فِي اليَوْمِ بِأَنْ يَهْدِيهُ الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ، وَفِي ضَوْءِ أَنَّ النَّاسَ مُخْتَلِفُونَ فِي غَايَاتِهِمْ مِنْ الحَيَاةِ، فإن ما اِهْتَدَيْتُ إِلَيْهِ مِنْ تَعْرِيفٍ لِلصِّحَّةِ الفكريّةِ بعد البحثِ والدراسةِ التي قامت على الاستنباط، واستعملتُ فيها المَنْهَجَ الأركيولوجي الحفريَ المَعْرِفِيَّ، الَّذِي وَضَعَ المُفَكِّرُ الفَرَنْسِيُّ "مِيشِيل فُوكُو" أُسُسَهُ، وَمَارَسَهُ فِي أَعْمَالِهِ الفِكْرِيَّةِ، مِنْ خِلَالِ الحَفْرِ فِي النُّصُوصِ، وَالمَعْرِفَةِ هو أن "الصحة الفكرية" هي: سَلَامَةُ الأَفْكَارِ، وَالمُعْتَقَدَاتِ، لِلأَفْرَادِ، وَالمُجْتَمَعَاتِ، مِنْ الاِنْحِرَافَاتِ عَنْ الطَّرِيقِ المُسْتَقِيمِ: الَّذِي يُحَقِّقُ السَّعَادَةَ، وَالغَايَةَ مِنْ الحَيَاةِ.
حسن الخليفة عثمان، Hassan Elkhalifa عثمان، نبلاء، مشروع نبلاء، Osman
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع