إن من إعجاز القرآن الكريم أن يظل مشغلة الدارسين من العلماء والباحثين جيلا بعد جيل، ثم يبقى أبدا رحب المدى سخى المورد، كلما حسب جيل أنه بلغ منه الغاية، امتد الأفق بعيدا وراء كل مطمح، عاليا يفوت طاقة الدارسين. وهكذا تتابعت الأجيال تغترف من معين كلام العلي العليم الذي لا ينضب، وتنهل من غزارة معانيه وفوائده التي لا يعدها العادون، ولا يحيط بها العالمون، ولا يستقصيها الباحثون، كل من مجاله وتخصصه، مع قوة فهمه وحدة ذكائه، إلا أن الكل يقف منبهرا أمام إعجاز كلام وصفه قائله ومنزله تعاظمت قدرته وظهرت حكمته : {لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} فصلت 42. ولا يخفى ما للإعجاز التأثيري من مكانة عظيمة بين أوجه إعجاز القرآن الكريم، وذلك لشدة وقعه على النفوس، وتأثيره في القلوب، وأسره للعقول، مع قلة العناية بهذا الجانب من الإعجاز من طرف المهتمين والباحثين، لذا رأيت من المناسب أن أجعله عنوانا لمشاركتي معكم في هذا المحفل العلمي الكبير، الذي أصبحت الحاجة ماسة إليه في وقتنا أكثر من أي زمن مضى ووقت انقضى.
د. محمد أرارو | Dr. mohamed ararou | 13367