بين المتعة والروحانية: معركة كبرى على النفوس
د. محمد سلامة غنيم | Dr. Mohammed Salama Ghonaim
29/11/2024 القراءات: 77
التحديات المعاصرة للشهوة في ظل الثورة التكنولوجية وأثرها على الفرد والمجتمع
يشهد عالمنا المعاصر طوفانًا من المحتوى الإباحي، مدفوعًا بثورة التكنولوجيا وتطور وسائل التواصل الاجتماعي. وقد بات هذا التيار يمثل تحديًا وجوديًا، إذ يستغل دوافع الإنسان الطبيعية نحو المتعة، مستغلاً إيرادات طائلة تفوق إيرادات صناعة الترفيه التقليدية بأضعاف مضاعفة.
يتغذى هذا التحدي على الرغبة الإنسانية في المتعة، التي إذا ما أُثيرت، غلبت على العقل وحجبته، حتى تفريغ شحنتها العاطفية. ومن هنا، فإن محاربة هذه الشهوة بالعقل وحده أمر صعب، إذ لا يمكن مقاومة النار بالنار إلا بنارٍ أشد.
إن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب فهمًا عميقًا لطبيعة النفس البشرية وآليات عملها. فالشهوة لا تقهر بالعقل وحده، بل تحتاج إلى قوة مضادة قادرة على كبح جماحها. وتلك القوة تكمن في الروحانيات والإيمان، اللذين يوفران للإنسان لذةً أعلى وأرقى من لذة الشهوات الدنيوية.
تشير الدراسات إلى أن الأشخاص المتدينين هم الأقل عرضة للتأثر بالتيارات الإباحية، وذلك لأن الممارسات الدينية، كالصلاة والذكر والصيام، تعمل على تقوية الإرادة وتنقية النفس. فالعبادات بمثابة تحصين ضد الشهوات، فهي تذكر الإنسان بأهدافه السامية في الحياة وتساعده على مقاومة الإغراءات. ولذا، نجد أن المتدينون هم أقل الناس استجابة لهذا التيار، مقارنة بالعلمانيين. وقد أكد القرآن الكريم على هذه الحقيقة بقوله: "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر".
والصيام، إلى جانب الصلاة والذكر، يعد وسيلة فعالة في كبح الشهوات، كما جاء في الحديث الشريف: "من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصيام فإنه له وجاء".
إن مواجهة التحدي الإباحي المعاصر تتطلب تضافر الجهود على المستويين الفردي والمجتمعي. فمن جانب الفرد، يجب الاهتمام بتقوية الإيمان وتحصين النفس بالعبادات، ومن جانب المجتمع، يجب العمل على نشر الوعي بخطورة هذه الظاهرة ودعم المبادرات التي تسعى إلى مكافحتها.
تربية، فكر، نهضة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة