أسباب اختلال ضبط الرواة وأنواع الحديث الناتجة عنه
د.أيمن جاسم محمد الدوري | DR.AYMAN JASSIM MOHAMMED ALDOORI
24/07/2021 القراءات: 2612
اتفق العلماء على حُجية السنة النبوية وأنها المصدر الثاني للتشريع، وعلى وجوب الأخذ بكل ما ثبت صحته منها، لذا بذل العلماء من أجلها أعظم الجُهد، ووضَعوا القوانينَ التي تُحقق ضَبط الحديث، وتَكلَّموا في الرِّجال ليَتميَّزَ المقبُول من غيره، وبناءً على أن الخبر لا يُقبل إلا بعد معرفة سنده، فقد ظهر علم الجرح والتَّعديل، والكلام على الرُّواة، من ناحية عدالتهم وضبطِهم وكيفية تَحَمُّلهم وأدائهم، لذا فإن من أهم شروط قبول رواية الراوي هي ضبطه للرواية، فوجب معرفة المقصود بضبط الراوي، والتعرف على أسباب الخلل التي تطعن فيه ، مع بيان أنواع الأحاديث التي تنتج من هذا الخلل.
إن مفهوم الضبط عند المحدثين هو أن يكون الراوي متيقظًا غير مغفَّل حافظًا إن حدّث من حفظه، ضابطًا لكتابه من التَّبدييل والتَّغيير، عالمًا بما يُحيل إليه المعنى.
وهو نوعان: ضبط صدر، وهو أن يثبت الراوي ما سمعه من شيخه متقنًا لذلك في حافظته بحيث أنه يتمكن عادة من استحضاره له متى شاء.
وضبط كتاب وهو صيانته من عدم إدخال أحد فيه ما ليس منه من حين السَّماع إلى الأداء.
أما أسباب اختلال الضبط عند الرواة فمن أبرزها:
1ـ غفلة الراوي: وهي غياب الشيء عن بال الإنسان وعدم تذكره له، وهي مؤثرة في تصحيح السماع عند المحدثين.
2ـ اختــلاط الــراوي: والاختلاط تغير في الحفظ واختلال في الضبط يحدث للراوي لعدة أسباب منها: كبر سنه، أو ذهاب بصره، أو احتراق كتبه، أو موت بعض أهله، أو سرقة بيته.
3ـ إدخال الورَّاق أحاديث ليست للمحدِّث: فبعض الورَّاقين لم يراعِ مهمته وللأسف مما جعله يدس أحاديث ليست للمحدث.
4ـ تلاعب الابن أو الجار في كتب المحدث: فقد يتلاعب بكتب المحدث بعض أقاربه أو جيرانه، فيدسُّوا بعض الأحاديث في كتبه.
5ـ اعتماد المحدث على حفظه دون كتابه: يعرف بعض الرواة بإتقانه إن حدث من كتابه لا من حفظه ولكن قد يتعرض أحدهم للتحديث من حفظه إما لضياع كتابه أو ابتعاده عنه.
6ـ عبث المُؤتَمَن بكتب المحدث:
يلجأ بعض المحدثين إلى إيداع كتبه عند آمن يثقون به بسبب سفر المحدث أو الخوف على الكتاب من الضياع أو غيرها من الأسباب، ولكن وقع وللأسف في حالات نادرة تلاعب المؤتمن في كتاب المُحدِّث.
7ـ جمع الأسانيد من غير تمييز للمتن الواحد: يلجأ أحيانا بعض الرواة لجمع الشيوخ في إسناد واحد من دون تمييز ولا اتقان مما تسبب في اختلال الضبط لديه.
8ـ انشغال الراوي بعمله وبُعده عن الرواية: قد يبتعد الراوي أحيانًا عن الرواية لانشغاله بعمل ما كانشغاله بمهنة القضاء مثلا والتي تصرف صاحبها عن ممارسة الرواية والتحديث مما يؤدي إلى تشوش الذهن واختلال الضبط.
9ـ من ينام كثيرًا ولا يبالي بالسماع: كمن يعرف بالتساهل في السماع فيقع منه النوم كثيرًا مثلًا فإن هذا يخل بضبطه وترد روايته.
والقسم الثالث من هذا البحث يتحدث عن أنواع الأحاديث الناشئة عن الاختلال في الضبط:
ومنها:
1ـ الحديث الحسن لذاته: وهو هو ما اتَّصل سنده بنقل العدل الذي خفَّ ضَبطه، عن مثله إلى مُنتهاه، من غير شذوذ ولا علَّة.
2ـ الحديث الشاذ: وهو ما رواه المَقْبُولُ مُخالفاً لِمَن هو أولى منه.
3ـ الحديث المقلوب: وهو إبدال لفظٍ بآخر، في سند الحديث، أو متنه، بتقديمٍ، أو تأخيرٍ، ونحوه.
4ـ الحديث المُصحَّف: وهو تغيير الكلمة في الحديث إلى غير ما رواها الثِّقات، لفظاً أو معنى.
5ـ الحديث المُضطَّرب: وهو الحديث الذي يُروى من قِبَل راوٍ واحدٍ أو أكثر على أوجهٍ مختلفةٍ متساويةٍ، لا مُرجَّح بينها، ولا يُمكن الجمع.
6ـ الحديث المُدرج: "وهو ما أُدخل في متنه ما ليس منه بلا فصل.
ومما سبق يمكننا الوصول إلى النتائج الآتية:
1ـ يُعد شرط الضبط أحد أركان قبول الرواية، وقد اتخذ المحدثون منهجا دقيقا في نقد ضبط الراوي.
2ـ الضبط النوعان، ضبط صدر وذلك بإثبات ما سمعه الراوي واستحضاره متى شاء، وضبط كتاب وذلك بصونه عن تطرق الخلل إليه.
3ـ اختلال الضبط له عدة أسباب من أهمها: الغفلة، واختلاط الراوي، وسرقة كتبه، أو دفنها، وتلاعب الورَّاق والابن والجار في كتبه، والابتعاد عن الكتاب، وعبث المؤتمن بكتاب المحدِّث، وانشغال الراوي بعمله، وعدم المبالاة في السماع بكثرة النوم.
4ـ ينشأ عن الاختلال بالضبط أنواعًا من الحديث منها: الحسن، والشاذ، والمقلوب، والمصحَّف، والمضطَّرب، والمُعَلَّل، والمدرج.
الضبط، اختلال الضبط، الأحاديث الناتجة عن اختلال الضبط
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع