مدونة د. اوان عبدالله محمود الفيضي
ربيع الاول ربيع الخير والانوار للإنسانية
د. اوان عبدالله محمود الفيضي | AWAN ABDULLAH MHMOOD ALFAIDHI a
19/10/2021 القراءات: 3428
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين ولا إله إلا الله إله الأولين والآخرين وقيوم السماوات والأرضين ومالك يوم الدين الذي لا فوز إلا في طاعته ولا عز إلا في التذلل لعظمته ولا غنى إلا في الافتقار إلى رحمته وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كلمة قامت بها الأرض والسماوات وخلقت لأجلها المخلوقات وبها أرسل الله رسله وأنزل كتبه وهي حق الله على جميع العباد فلا تزول قدما العبد بين يدي الله حتى يسئل عن مسألتين:ماذا كنتم تعبدون؟وماذا أجبتم المرسلين؟ فجواب الأولى بتحقيق" لا إله إلا الله"معرفة وإقرارا وعملا وجواب الثانية بتحقيق"أن محمدا رسول الله"معرفة وإقرارا وانقيادا وطاعة وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه المبعوث بالدين القويم والمنهج المستقيم أرسله الله رحمة للعالمين وافترض على العباد طاعته واتباع سنته أما بعد:
في هذه الايام الربيعية من عمر الزمان تتكرر نفحات وذكرى المولد النبوي في كل عام في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الاول الذي كان ولا زال ربيع الوسطية والوحدة والاعتدال والتوازن في الحب والعدل والدعوة والخير والسلام ربيعا للبشرية جمعاء ربيع الرحمة قال تعالى(وما ارسلناك الا رحمة للعالمين)الانبياء /107
فقد كان مولد رسول الامة محمد صلى الله عليه وسلم في يوم الاثنين المصادف الثاني عشر من شهر ربيع الاول من عام الفيل في شعب بني هاشم في مكة المكرمة لقول النبي لما سئل عن سبب صيامه ليوم الاثنين" فيه ولدت وفيه انزل علي"رواه مسلم وقول قيس بن مخرمة انه ولد مع النبي في عام الفيل وولادته صلى الله عليه سلم في شهر ربيع تدعوا الى التفاؤل والبشر به والاشارة الى رحمته وخيره الكبير على الامة كالربيع الذي تخرج الارض فيه ما في بطنها من النعم كما ان فصل الربيع من اعدل الفصول وكذا كانت شريعته السمحاء من اعدل الشرائع على الاطلاق
ولد رسول الانسانية والخير وكان قد مات ابوه عبدالله ولم يره لأنه فارق الحياة قبل ولادته الشريفة بينما كان هو في احشاء امه آمنة ثم ارسل الى البادية لترضعه السيدة حليمة السعدية وقد حصلت اثناء وجوده في البادية حادثة شق الصدر وكانت من ارهاصات النبوة ولما بلغ ست سنوات ماتت امه فتحول الى كفالة ابو ابوه جده عبد المطلب وبقي معه حتى مات جده وعمره ثماني سنوات فكفله ابو طالب عمه ثم ارسل اليه الله الرسالة ليخبره بانه مبلغ بتبليغها واداء الامانة
والحقيقة ان كل من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم فهو مأمور ايضا بتبليغ رسالته على الخصوص والعموم لمقتضى ما نطالب به من التأسي والاقتداء به ولقوله تعالى(قل هذه سبيلي ادعوا الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني)يوسف/108 فجعل من اتبعه داعيا معه إلى الله على بصيرة ولقد عرف السلف هذا فكانوا دعاة إلى الله بأقوالهم وأعمالهم المطابقة لها حتى انتشر الإسلام في أقل من ربع قرن في المعمور أما نحن الان فقد قصرنا في هذا الواجب غاية التقصير فتركنا تبليغ الدين إلى الأمم حتى لنخشى أن يكون من أوزارنا بقاء الأمم الضالة على ضلالها لتقصيرنا في التبليغ إليها وأكبر من هذا تقصيرنا في تبليغ الدين إلى أنفسنا بإهمالنا جانب التعليم الديني والوعظ والإرشاد
واليوم وقد عرفنا كيف بلغ النبي رسالة ربه فلنعقد العزم على الاجتهاد في التبليغ ولنبدأ بأهلينا ومن إلينا ولنفكر ثم لنعمل في تبليغ الدين كما جاء به النبي إلى أمة الإجابة والدعوة وليكن تفكيرنا في هذا واهتمامنا به ثمرة لهذه الذكرى الكريمة المولد النبوي وعلمنا بهذا النزر من حياة ذلك النبي الكريم ولنا بعد عون الله من الإيمان والمحبة فيه ما يعيننا على ذلك ويقوي أملنا فيه ويبلغنا إليه فقد تعلمنا من هذه الذكرى مسألة تبليغ الرسالة وعدنا بأمل تبليغ الهداية فانبثقت من هذه الذكرى نورا اضاءت به صدورنا وتجددت منها في قلوبنا قوة لن تستطيع ظلمات وظلم الحياة وإن كثفت أن تطفيء ذلك النور ولن تستطيع نكبات الزمان وإن جلت أن تبطل تلك القوى في أبداننا للأيام لان قلوبنا مؤمنة مطمئنة بدين الله ومحبة محمد صلى الله عليه وسلم وأن قلوبا وضعنا فيها اسم الله واسم رسوله وصفيه محمد لهي بمأمن من عمل الظالمين وكيد الخائنين فجددوا نورها وقوتها بمثل هذه الذكرى الميمونة واعملوا لتحقيق ما تحييه فيكم الذكريات من أمل ورجاء وأقصروا أعمالكم وجملوها بالإحسان والتقوى قال تعالى(ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون)النحل/128
فإنّ محبة الرسول صلى الله عليه وسلم لا تتحقّق بالاحتفال بمولده وإنّما تتحقّق بالعمل بسنّته وتقديم قوله على كل قول وعدم ردّ شيء من أحاديثه ولنعلم أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد وسعهم دين الله من غير احتفالٍ بمولده فالتعظيم والمحبة تكون بالاتباع لا بالابتداع قال تعالى (قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)آ ل عمران /31
فالتقرب من النبي بمحبته تكون بذكر سيرته العطرة وأخلاقه الكريمة وشمائله الحميدة وتواضعه ورحمته وكرمه وحلمه ونشر ذلك بين الناس والاعتراف بإحسانه على امته واخراجها من الظلمات الى النور والهدى والسعادة باتباع نهج الاسلام وما أمر به الله تعالى فيكون مولده صلى الله عليه وسلم دافعا الى التأسي به والتعطر بذكره واخلاقه والاقتداء بأقواله وافعاله قال تعالى( لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر)الاحزاب/21ويكون ذلك بعرض سيرته والتعرف على صفاته واتباع اخلاقه والكشف عن اسرار حياته وبيان اثرها في اصلاح الناس والمجتمع فضلا عن انها فرصة لتجديد العهد والايمان والصلة بين المسلم وربه فيحرص المسلم على شكر الله على نعمته بالطاعة والاتباع للرسول محمد على مدار السنة وليس ليوم واحد مخصص فمحبة النبي تكون بطاعته واتباعه على الدوام فاذا كان هكذا مقتصرا على ذكر الله وقراءة القران والتذكير بأخلاق النبي وترغيب الناس في الالتزام بتعاليم الاسلام وحضهم على الفرائض وعلى الآداب الشرعية فنسأل الله ان يتقبله منا ولا يرده علينا انه ولي ذلك والقادر عليه والله تعالى اعلى واعز واعلم
(ربيع الاول- محمد صلى الله عليه وسلم - ربيع الخير- والانوار للإنسانية )
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع