مدونة سعد الدين العثماني


تمتع بالصحة النفسية الإيجابية (5)

سعد الدين العثماني | EL OTMANI SAAD DINE


22/12/2024 القراءات: 17  


5 - تعريف الصحة النفسية الإيجابية
ذهبنا في الحلقة الأولى من هذه السلسلة إلى أن الصحة النفسية اسم عام يشمل مستويات ثلاثة: الصحة النفسية الإيجابية - المشاكل النفسية - الاضطرابات النفسية.
والمستوى الأول، أي "الصحة النفسية الإيجابية"، هو الذي نريد توضيحه والتركيز عليه في هذه الحلقات. وهو مفهوم تطور في العقود الأخيرة، تمييزا له عن المستويين الآخرين. وقد يطلق عليه الكثيرون مصطلح "الصحة النفسية" فقط. وعادة ما تقدم الصحة النفسية الإيجابية على أنها تشمل الجوانب العقلية (التفكير)، والعاطفية الوجدانية (التأثير/الشعور)، والسلوكية (الأداء الإيجابي)، والاجتماعية (العلاقة مع الآخرين والتفاعل داخل المجتمع)، والبدنية (الصحة البدنية)، و"الروحية" (الشعور بالمعنى والهدف في الحياة).
بالنسبة لتعريفات الصحة النفسية "الإيجابية"، فهي متنوعة ومتعددة، لكننا نورد منها هنا ثلاثة تعريفات، تعطي فكرة متكاملة عن المفهوم.

أ - أول تلك التعريفات وأكثرها اختصارا هو قول بعض المتخصصين بأن الصحة النفسية هي "توازن وانسجام الحياة النفسية" أو بأنها "حالة ديناميكية من التوازن الداخلي". وهو تعريف سيتضح معناه أكثر بعد القيام بتشريح الصحة النفسية وتوضيح مكوناتها، وهو ما سنقوم به لاحقا إن شاء الله.

ب - التعريف الثاني الذي نورده هنا هو تعريف "منظمة الصحة العالمية" التي عرفت الصحة النفسية بأنها "حالة من العافية التي يحقق فيها الفرد ذاته، ويتمكن من التغلب على ضغوط الحياة العادية، ومن أداء عمل منتج، والمساهمة في حياة مجتمعه" .
ويركز هذا التعريف على الجوانب الإيجابية للصحة النفسية، ويجعلها القاعدة أو الأساس للعافية النفسية وللقيام بالعمل المنتج والإسهام في الحياة الاجتماعية من أجل مصلحة مجتمعه. ويتوافق هذا المفهوم الجوهري للصحة النفسية مع مجال متفاوت من التفسيرات والتصورات في مختلف الثقافات. والتعريف بهذا يعطي للصحة النفسية بعدا واسعا، أكثر من أي مجال آخر من مجالات الصحة. فهو يتضمن البعدين الفردي والاجتماعي.
كما تلمح منظمة الصحة العالمية في هذا التعريف إلى أن الشخص الذي يتوفر على صحة نفسية جيدة هو الشخص القادر على التكيف مع مختلف أوضاع الحياة المتميزة بالضغوط، وبالأوقات الصعبة أو المشاكل المحتاجة للحل. وبالتالي فإن الشخص صاحب الصحة النفسية الجيدة هو شخص يحس بما يكفي من الثقة ليتكيف مع وضعية لا يملك أن يغيرها أو ليعمل على تغييرها إن أمكن. هذا الشخص يعيش متحررا من المخاوف والجراحات القديمة التي كان من الممكن أن تربك حاضره أو تؤدي إلى اضطراب رؤيته للعالم.

ج – التعريف الثالث بلورته الوكالة الكندية للصحة العمومية، ويجعل الصحة النفسية على أنها "القدرة التي يتمتع بها كل واحد منا على الإحساس والتفكير والتصرف بطرق تعزز قدرتنا على الاستمتاع بالحياة والتعامل مع التحديات التي نواجهها. إنه شعور إيجابي بالعافية الوجدانية والروحية، التي تقدر أهمية الثقافة والإنصاف والعدالة الاجتماعية والروابط مع الآخرين والكرامة الشخصية" .
فهذا التعريف ينص على خمسة أمور تكون الصحة النفسية الجيدة، هي:
1) القدرة على الاستمتاع بالحياة
2) القدرة على مواجهة التحديات
3) الشعور الإيجابي بالعافية والراحة الوجدانية
4) الشعور بالعافية الروحية
5) الشعور بأهمية الروابط الثقافية والاجتماعية.

إن هذه التعريفات المتسمة بالشمولية تؤكد ما رأيناه من قبل، من أن مفهوم الصحة النفسية يختلف عن مفهوم المرض النفسي، كما تؤكد أيضًا أن هذا النوع من الصحة النفسية التي تتحدث عنه هذه التعاريف هو الصحة النفسية الإيجابية.



الصحة النفسية - الصحة النفسية الإيجابية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


جهد مشكوووووووووووووور بارك الله فيك