مدونة م.م ليلى علي عثمان


سيكولوجية التقليل من شأن الآخرين

م.د ليلى علي البرزنجي | Layla Ali Albrznje


28/05/2020 القراءات: 10867  


#سيكولوجية_التقليل_من_شأن_الآخرين🍇🐶
قفز الثعلب الى الأعلى مرات عدة ، لكنه خاب في التقاط قطف العنب المتدلي ، وحين يئس من المحاولة ، نظر الى حبّات العنب العنقودية المتلألئة بإزدراء ، وقال : إنّه مجرد قطف من الحصرم الحامض ، والواضح أنه كان لدى الثعلب (وفقاً لهذه القصة الشهيرة التي درجت مثلاً على الألسن) دافع قوي نحو التقاط قطف العنب لإشباع حاجاته ورغباته ، غير أن المعيقات المتمثّلة ـ على نحو خاص ـ بارتفاع القُطف أكثر من قدرة صاحبنا على القفز ، قد حالت دون تحقق الدافع لديه ، ودون اشباع حاجاته ، مما أورثه الإحباط ، بما فيه من ألم وضيق واحساس بالمهانة ، ومشاعر عدوانية ، وبما فيه من تأثير على التوازن ، فأخذت استجابته صورة التقليل من شأن ما لم يصل إليه ، سعياً نحو استعادة التوازن النفسي الذي تخلخل لديه .
الاستجابة للإحباط... من خلال تقليل شأن الآخرين
ترى هل يمنحنا التقليل من شأن ما لم نتمكن من بلوغه شعوراً مريحاً ؟ وهل يعيد ذلك الى نفوسنا التوازن الذي اختل نتيجة ما مسنا من إحباط لعدم قدرتنا على الوصول إلى هدف أو تحقيق رغبة ؟ وهل (يلطف) من أثر التوتر الناجم عن الفشل ، أن نطعن بمن نجحوا ، أو نهزء بهم ، أو نشوه صورتهم ، أو نقلل من قيمة ما حققوه ووصلوا إليه .
هذا ما يقوله علماء النفس ـ على أي حال ـ حين يتحدثون عن (التقليل من شأن الآخرين) كأسلوب قد يلجأ المرء إليه استجابة لما لحقه من إحباط نتيجة عدم قدرته على تحقيق دافع لديه ، ويلجأ الإنسان الى هذا الأسلوب عادة حين يصاب بصدمة نتيجة لفشله في مجال ما ، فيبدأ بتقصي أخطاء الذين نجحوا حيث فشل ، بل وفي اختلاق أخطاء لهم غير موجودة أصلا ، والبحث عما يقلل من حجم نجاحهم ، وتفسير ذلك النجاح بأسباب تحطُّ من قدره .
البحث عن هفوات الناجحين وتضخيمها
وربما يندرج تحت موضوع التقليل من شأن الآخرين من منطلق الأسباب النفسية ذاتها ، ذلك التّلذذ في البحث عن هفوات الناجحين وزلاتهم وأخطائهم ، بل وتضخيم تلك الزلات لتأخذ طابع الخبر المثير ، وصورة الشائعة التي تصلح مادة للتناقل والتداول ، فهل يمكن أن نضيف إلى العوامل التي يذكرهـا علماء الإجتماع والتي تؤدي لخلـق الشائعات وإطلاقها وتصديقها وترويجها عاملاً آخر هو الإستجابة لشتى الإحباطات الناجمة عن الفشل ، وعدم تحقيق الرغبات والحاجات ، أو الإعتقاد بعدم القدرة على تحقيقها ؟
تبرير العدوان تجاه الآخرين
ويذكرنا موضوع التقليل من شأن الآخرين كشكل من أشكال الإستجابة للأحباط ، بمفهوم آخر يتحدث عنه الراسخون في علم النفس الإجتماعي ويسمونه بـ (التبخيس) ، ويتمثل التبخيس في التقليل من وزن وقيمة الناس ، لتبرير العدوان تجاههم ، فرب الأسرة المستبد يبرر تسلطه وعدوانه نحـو أفراد أسرته بالحط من قيمتهم ، وادعاء عدم نضوجهم ، وعدم معرفتهم بمصلحتهم ، والمدير الظالم يبرر قراراته بحق موظفيه بالنظر إليهم على أنهم جاهلون ، والزعم بأنهم كسالى لا يليق بهم التعامل الإنساني وهكذا .


سيكولوجية التقليل من شأن الآخرين


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


أصبت دكتورة ، ووضعت يدك على الجرح. يمكن التعمق أكثر في الموضوع..


سلمت دكتورة ان شاء الله في المدونة القادمة


موضوع قيم دكتورة ويستحق التعمق في أساليب التقليل من شأن الآخرين مع ضرب الأمثلة على ذلك قديما وحديثا قال تعالى "ولا تبخسوا الناس أشياءهم"


شكرا لك دكتور حمدي الله يحفظكم


احسنتى دكتوره