مدونة لبات الدخيل


الإعلام ومجتمع ما قبل الميديا بالصحراء المغربية الإرهاصات والنشأة (مقتطف)

لبات الدخيل | Labat Edkhil


06/12/2022 القراءات: 1374  


وبهذا، يمكن القول إن أهل الصحراء على امتداد خارطتها لم يكونوا في عزلة عن المحيط، ولم يكونوا منقطعين عن العالم رغم غياب وسائل الاتصال، غير أن الحاجة كانت ملحة في العيش والتعايش وتطويع الطبيعة عن طريق فهمها واستكناه أسرارها، وتحويل ذلك الروتين اليومي إلى تدافع وتلاقح وتواصل أشبه بحركية ودينامية النحل في البحث والتقصي عن الحاجات والمنافع ودرء كل ما من شأنه تعطيل هذه الانسيابية المرنة في التعاطي مع المحيط. وفي هذا الإطار قال محمد سعيد القشاط في كتابه "الأمثال الشعبية في الصحراء" : "الصحراوين يعتبرون صحراءهم مدرسة وخيامهم فصولا لتلك المدرسة يتلقى فيها الناشئة تعليمهم الأولي، فالأطفال يوجهون لسبر مجاهل الصحراء ورعي الماشية والورود للآبار ومعرفتها معرفة طرق المواصلات ومساربها، يعلمونهم ركوب الإبل وطريقة التعامل معها، يعلمونهم الكرم والشجاعة والسخاء واحترام العلماء والفقهاء، وفي مجتمع الصحراء يعرف كل فرد موقعه من المجتمع فلا يتخطاه ولا يتجاوزه، وقد أودعوا ذلك في قصصهم وأشعارهم وأمثالهم".( )
وتأسيسا على ما سبق، فقد اتفقت معظم الآراء والمراجع على قلتها على أن ظهور الإرهاصات الأولى للإعلام والصحافة بشكل فعلي بالمفهوم المتعارف عليه، كانت مع التواجد الإسباني بالمنطقة نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، رغم التجاذب القائم حول حقيقة ما تم تداوله بشأن وجود مجلة صحفية تدعى AFRICA OCCIDENTALE ESPANOLA التي تم طبع العدد الأول منها في مدينة سيدي ايفني سنة 1943، تلتها محاولة أخرى في 15 أبريل 1945 تحمل نفس الاسم A.O.E ( )، باستصدار عددها الأول التي عمدت فيه إلى طمس حقيقة الاحتلال، وإظهار تفاصيل المشروع الإسباني الاستعماري آنذاك، ويذكر أن هذه الصحيفة استمرت في النشر إلى غاية سنة 1969، في حين تزايد الاهتمام بمنطقة الصحراء على المستوى الإعلامي بتخصيص ركن خاص يحمل اسمها على صفحات مجلة تدعى موريتانيا MAURITANIA التابعة للمؤسسة العسكرية الإسبانية، "إن إسبانيا لم توسع من اهتمامها الإخباري بالصحراء إلا بعد سنة 1958، حيث خصصت ركنا خاصا بالمنطقة يحمل إسم (SAHARA)، ولم تخرج عن المواضيع المنشورة بهذا الركن وحتى حدود 1975 عن السياق العسكري الاستعماري والتطبيل للسيادة الإسبانية على الصحراء والمنجزات والمشاريع الاستعمارية، ويظهر أن أغلب هذه المواضيع كتبت بأقلام الضباط الإسبان الموجودين بالمنطقة، وقد أغفلت جملة وتفصيلا المواضيع المرتبطة بمشاكل المنطقة في المجالين الاجتماعي والاقتصادي"( )، وبذلك ومهما حاولنا النبش في دِمَن الروايات الشفوية ومخلفات الكتب والوثائق التاريخية، فلن نجد في هذه الفترة الزمنية أثراً لوجدود دوريات أو مطبوعات أو دفاتر مكتوبة تنسب لأهل المنطقة كانت تستعمل لغايات إخبارية بشكل مشاع ومنتظم.


الاعلام - الصحراء - الميديا


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع