مدونة أ.د.اخلاص باقر هاشم النجار


كيف يواجـه الإسـلام الـفـقر لتحقـيق التكـافـل الاجتمـاعي

اخلاص باقر هاشم النجار | Prof.Dr.Ikhlas Baqir Hashem Al-Najjar


01/10/2021 القراءات: 4381  


كيف يواجـه الإسـلام الـفـقر لتحقـيق التكـافـل الاجتمـاعي أ.د.إخـــلاص باقـــر هـاشـم النجـــــار العراق / جامعة البصرة / الإدارة والإقتصاد تختلف تعريفات الفقر من مجتمع لأخر ومن حضارة لأخرى، وهو عدم القدرة على تحقيق الحد الأدنى من مستوى المعيشة ، وإن هناك أسبابا عديدة لإنتشاره منها البعد عن أدب الإسلام في حفظ النعمة والإفراط في الإنفاق إلى جانب انخفاض مستوى التعليم ، وقلة الخبرات الفنية وقلة السعي لتحسين الإنتاج ، والتشرد الذي يعانيه كثير من المسلمين الذين تركوا أوطانهم بسبب الأوضاع السياسية غير المستقرة ، ويشير إلى أن هناك مخاطر عدة تهدد المجتمع إذا لم يعمل على سد احتياجات الفقراء ، فمنها خطر على العقيدة خاصة الفقير المدقع ، إذا كان هو الساعي الكادح ، وهو وسيلة الشك ولا حول ولا قوة إلاّ بالله في حكمة الله في الكون، والارتياب في عدالة التوزيع، فالشيطان يوسوس للفقير {{ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الفَقْرَ }} سورة البقرة ، فإذا كان الفقر خطرا على العقيدة الإسلامية ، فليس بأقل خطورة على السلوك والأخلاق، فإن الفقير المحروم كثيرًا ما يدفعه بؤسه وحرمانه إلى سلوك لا ترضاه الفضيلة والخلق الكريم ، إذ إن الفقر خطر على أمن المجتمع وسلامته واستقرار أوضاعه ، بل يحدث نتيجة انتشار الفقر والفتن والاضطراب ، وتقويض أركان المحبة، والإخاء بين الناس ، هذه أبرز المخاطر التي تهدد المجتمع إذا لم يعمل على سد احتياجات الفقراء، وأن القضاء على الفقر ضرورة دينية وأخلاقية واجتماعية واقتصادية لسلامة المجتمعات والأمم، وان من أهم المفاتيح التي تعد أساسًا في القضاء على الفقر . عدّ الإسلام المالَ زينةَ الحياة الدنيا ، فقال تعالى :{{ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (46) }} سورة الكهف ، ونظر للفقر على أنه خطر على العقيدة وخطر على الأخلاق وسلامة التفكير وعلى المجتمع وبلاءً يُستعاذُ بالله من شَرِّهِ فأن النبي محمد (ص) : كان يتعوذ )) اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار ومن عذاب النار وأعوذ بك من فتنة الغنى وأعوذ بك من فتنة الفقر )، وإن الإسلام يستهدف من محاربة الفقر تحرير الإنسان من براثنه بحيث يتهيأ له مستوى من المعيشة يليق بكرامة الإنسان ، وهو الذي كرمه الله ، وإذا ضمن الإنسان الحياة الطيبة , وشعر بنعمة الله ، أقبل على عبادة الله في خشوع وإحسان ،لقد وصف الله تعالى الأمة الإسلامية بأنها أمة واحدة بقوله تعالى:{{ انَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92) }} سورة الأنبياء ، وأمرَنَا بالتعاون في كل نواحي الحياة ، وقد فرض على أغنياء المسلمين في أموالهم بالقدر الذي يسع فقراءهم ، مشددًا على ضرورة إحياء قيمة العمل وزيادة عطاء المسلم وإنتاجه ، واعتداله في الاستهلاك ،بحيث يفوق إنتاجه استهلاكه، وليس العكس الذي نراه الآن في المجتمعات الإسلامية ، حيث تهدر قيمة العمل، ويقل الإنتاج ، ويزيد الاستهلاك فالعمل هو خط الدفاع الأول ضد الفقر والحاجة ، وهو الوسيلة الأولى لجلب الرزق ، والعنصر الأول في عمارة الأرض التي استخلف الله فيها الإنسان وأمره أن يعمرها ، عملاً بقوله تعالى : {{ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا (61) }} هود ، فلا إيمان إلا بالعمل الصالح الذي يؤكد هذا الإيمان تأكيدًا عمليًّا من خلال الكدِّ والاجتهاد ، والبحث عن الرزق وإعمار الأرض ، وان العمل من أرقى طرق الكسب التي أباحها الإسلام بقوله تعالى: {{ من عمل صالحاً من ذكر وأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون }}، وفي قوله تعالى : {{ وهو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور }}،وهنا يبرز فرضٌ التكافل الاجتماعي لذي يتحقق من خلال فريضة الزكاة والصدقة ، فالإسلام لم يترك فئة من فئات المجتمع تتعرض للجوع والفقر دون أن يأمر بمعالجتها يقول الله تعالى:{{إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ( 60)}} سورة التوبة فالإسلام يسعى سعياً حثيثاً ويدعوا إلى التكافل والتراحم فيما بين الناس ، وهم بدورهم ينسلون من أربعة منافذ رئيسية في المجتمع ، فمنهم من يفيض دخله عن حاجته ، ومنهم من يغطي دخله حاجاته ولا يزيد ، ومنهم من لا يكفي دخله لتغطية حاجاته ، ومنهم من يكون عاجزاً تماماً عن العمل فلا دخل لديه لتغطية حاجاته ، وبديهي أن الإسلام كفيل بوضع الحلول المناسبة لمعضلة الفقر ، وذلك بأسلوب أخلاقي واقعي يطرق أبواب الضمير لدى كل مسلم ومؤمن حتى وان كانت موصدة ، وكما يقول الرسول الكريم (ص) : (( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )) ، وان الإسلام وضّح كيف انه على العبد المؤمن المؤتمن على مال الله تعالى الطريقة الأخلاقية ، التي ينفق فيها المال دونما استعلاء ولا مَنّ أو تخديش للكرامة وإلا انتفى الثواب المقرر، فالتكافل الاجتماعي في الاقتصاد الإسلامي هو التزام البعض بالبعض الأخر ، وهذا لا يقتصر في الإسلام على مجرد التعاطف المعنوي من شعور مفعم بالمحبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بل يشتمل ايضاً التعاطف المادي بإلتزام كل فرد قادر بعون أخيه المحتاج .


الفقر ، الزكاة ، الصدقة ، العمل ، التكافل الاجتماعي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع