مدونة د محمد ايت عدي


أهمية المرأة في المشروع الإصلاحي والتدافع الحضاري:

الدكتور محمد ايت عدي | Dr MOHAMMED AIT ADDI


05/06/2021 القراءات: 1944  




إن قضية المرأة بالشكل المثار في العالم الإسلامي هي حرب حضارية تشن على الإسلام لتدمير مواقعه الوجدانية في بينة التدين الاجتماعي، وإن ذلك يعني سحب البساط من تحت كل أشكال العمل الديني التجديدي في البلاد الإسلامية. من هنا كان من بين مقومات المشروع الإصلاحي عند الدكتور فريد الأنصاري رحمه الله كشف خطورة ظاهرة التعري الجسمي والنفسي. إن هذا الخطر الخلقي كما يراه رحمه الله:" ليس له علاقة بتفسيق الشباب فقط، ولكنه مدمر لبنية الدين كلها، إنه خطة عالمية خبيثة لغزو العالم الإسلامي على مستويات متعددة، واختلال الوجدان الإنساني فيه، وتدمير شخصيته على المستويين النفسي والاجتماعي معا.
وإن أول حقيقة قرءانية تعرض في سياق الآيات المتعلقة بالنساء، هي أن القصد التشريعي من رسم معالم المرأة في القرءان والسنة إنما لتكون قناة أساسية لاستمرار التدين في المجتمع، تلك وظيفتها الاجتماعية الكبيرة".
وإن من يختزل حرية المرأة في حرية الفروج قد أدن لإنسانية المرأة أن تتردى في درك البهيمية، وإنما حرية المرأة هي كسر أغلال العبودية التي تربط الإنسان إلى الشهوات النفسية البهيمية، ورفع راية الإسلام راية العفة والكرامة في اللباس الإسلامي العالي. لأن النفس الإنسانية هي جوهر كينونة الإنسان ذكرا كان أو أنثى، فالنفس لا تحمل في الأصل صفة جنسية لا ذكورة ولا أنوثة، فلا الرجل ولا المرأة يمكنه أن يزعم أنه الأصل، وكون آدم أسبق في الخلق لا يعني أنه الأصل، فهو الأصل بالمعنى الزماني وليس الأصل بالمعنى الوجودي، ومن هنا سوى الله بين الجنسين في عموم التكاليف إلا ما استثناه الدليل لخصوص المحل، فالإنسان له صورتان: الأولى نفسية والثانية جسمانية، ولكل صورة مواصفات منها تتشكل الشخصية، والنصوص الكثيرة دالة كلها على أن النفس الإنسانية جوهر، وهي محل الخطاب الإلهي، ومن هنا فالنفس هي التي عني الإسلام بتزيينها وتجميلها، ولذلك فرض الستر على المرأة حتى لا تطغى سيماء الصورة على سيماء النفس، التي هي السيماء الحقيقية، والتي هي أساس التمييز في الإسلام. فالسيماء الجسمانية لدى المرأة ذات خصوص جمالي يؤدي وظيفة تناسلية بالقصد الأول ووظيفة شهوانية بالقصد الثاني، والأول أصيل يخدم إحدى الضروريات الخمس في مقاصد الشريعة، ألا وهي ضرورة النسل. ذلك هو الأصل الوجودي لجمال المرأة والقصد الأصلي منه، وله قصد تبعي هو التزين المباح. لكن الإنسان اليوم قلب الموازين، فجعل المقصود التبعي أصليا، والأصلي تبعيا، فانقلبت بذلك حقائق الحياة عنده من الإنسانية الراقية إلى البهيمية الساقطة، ومن المتعة الروحية إلى اللذة الشهوانية.
لقد خاطب المولى جل جلاله المرأة في القرءان باعتبارها عاملا على سبيل التسوية المطلقة بين الرجل والمرأة في المسؤولية الوجودية من حمل الأمانة الكبرى، قال تعالى: ﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾ (آل عمران: 195)، وأما ما خالفت المرأة الرجل فيه من أحكام فذلك راجع إلى الطبيعة التكاملية بين الذكورة والأنوثة، وليس إلى تنقيص خلقي تكويني في طبيعتها.
ولقد عضد رحمه الله دعواه بأن المرأة هي حجر الزاوية في الحرب الحضارية بين الإسلام ومن يعاديه بما توصل إليه أيضا الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله بعد تحليل دقيق للحركة النسوية في العالم العربي من أن القصد منها هو تدمير نظام الأسرة الإسلامي ، حيث قال:" والعالم الغربي ... يساند حركات التمركز حول الأنثى في بلادنا ...كما أدرك أن نجاح مجتمعات العالم الثالث في مقاومته يعود إلى تماسكها الذي يعود بدوره إلى وجود بناء أسري قوي قادر على توصيل المنظومات القيمية، والخصوصيات القومية إلى بناء المجتمع، ومن ثم يمكنهم الاحتفاظ بذاكرتهم التاريخية، وبوعيهم بثقافتهم وهويتهم وقيمهم، وإذا كانت الأسرة هي اللبنة الأساسية في المجتمع، فإن الأم هي اللبنة الأساسية في الأسرة، ومن هنا تركيز النظام العالمي الجديد على قضايا الأنثى، فالخطاب ... هو خطاب تفكيكي... يهدف إلى توليد القلق وعدم الطمأنينة في نفس المرأة، عن طريق إعادة تعريفها بحيث لا يمكن أن تتحقق هويتها إلا خارج إطار الأسرة، وإذا انسحبت المرأة من الأسرة تآكلت وتهاوت، وتهاوى معها أهم حصون صد التغلغل الاستعماري والهيمنة الغربية".


المرأة - المشروع الإصلاحي - التدافع الحضاري


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع