مدونة احمد عمر احمد عمر سالم غلاب


إرشاد الموهوبين والمتفوقين

احمد عمر احمد عمر سالم غلاب | ahmed omar ahmed omar salem


04/10/2019 القراءات: 3869  


ظهر مفهوم علم النفس الإرشادي في فترة متقدمة من القرن الماضي، وتطور بمرور الوقت حتى أصبح ينظر إليه على أنه علم وفن وممارسة، ويهدف إلى تيسير تفاعل الإنسان مع بيئته ضمن ثلاثة أدوار، هي: الإرشاد الوقائي، والتنموي، والعلاجي. ولعل أوضح تعريف لعلم النفس الإرشادي هو التعريف الإجرائي الذي تبنته رابطة علم النفس الأمريكية، والذي ينص على أن علم النفس الإرشادي هو ” مجموع الخدمات التي يقدمها اختصاصيو علم النفس الإرشادي، لتيسير السلوك الفعال للإنسان خلال عمليات نموه على امتداد حياته كلها، مع التأكيد على الجوانب الإيجابية للنمو والتوافق في إطار مفهوم النمو”. وتهدف هذه الخدمات إلى مساعدة الأفراد على اكتساب أو تغيير المهارات الشخصية- الاجتماعية، وتحسين التوافق لمطالب الحياة المتغيرة، واكتساب العديد من المهارات وحل المشكلات واتخاذ القرارات. ويستفيد من هذه الخدمات الأفراد، الأزواج، والأسر في كل مراحل العمر بهدف التفاعل بفاعلية مع المشكلات المرتبطة بالتعليم والاختيار المهني والعمل والجنس والزواج والأسرة والصحة وكبر السن والإعاقة سواء كانت اجتماعية أو جسمية. وتقدم هذه الخدمات في مؤسسات للتربية والتأهيل والصحة وفي المؤسسات العامة والخاصة. ويلاحظ أن هذا التعريف تناول علم النفس الإرشادي من جميع جوانبه، فقد تناول أهدافه وشكل الخدمات التي يقدمها والفئات المستفيدة من هذه الخدمات، والمجالات التي تتحقق فيها هذه الخدمات بالإضافة إلى الأماكن والجهات التي تقدم هذه الخدمات (يحيى، 2003).
وقد بدأ الاهتمام بالحاجات الإرشادية للطلبة الموهوبين والمتفوقين متأخراً بأكثر من ثلاثة عقود عن بداية الاهتمام بحاجاتهم التربوية أو التعليمية. ويعود الفضل بداية في إثارة الاهتمام بحاجاتهم الإرشادية للباحثة والمربية ليتا هولينغويرث (Hollingworth) التي ساهمت دراساتها في تسليط الضوء على هذه الفئة كإحدى فئات ذوي الحاجات الخاصة من الناحيتين التربوية والإرشادية. وقد قدمت أدلة ساطعة على وجود حاجات اجتماعية وعاطفية للطلبة الموهوبين والمتفوقين، وعلى عدم كفاية المناهج الدراسية العادية وعدم استجابة المناخ المدرسي العام الذي يغلب عليه طابع الفتور وعدم المبالاة تجاه الطلبة الموهوبين والمتفوقين، بالإضافة إلى وجود فجوة بين مستوى النمو العقلي والعاطفي لهؤلاء الطلبة حيث يتقدم النمو العقلي بسرعة أكبر من النمو العاطفي، كما أشارت إلى ضياع 50% أو أكثر من وقت المدرسة دون فائدة تذكر بالنسبة للطلبة الذين تبلغ نسبة ذكائهم 140 فأكثر (جروان، 2008).
وعندما بدأت حركة الاهتمام بتعليم الموهوبين، أشارت معظم الكتب والدراسات – كدراسة تيرمان الطولية (1921-1945)، ودراسة هولنغويرث (Hollingworth 1932)، إلى أن الموهوبين يوصفون بالقدرة على التكيف الاجتماعي والانفعالي المرتفع، مقارنة مع أقرانهم ذوي القدرات المتوسطة. ونتيحة لذلك كانت حركة الاهتمام بالحاجات الاجتماعية والانفعالية للطلبة الموهوبين بطيئة نسبياً، بالمقارنة مع الاهتمام بالنواحي الأكاديمية، بالإضافة إلى وجود بعض المعتقدات الاجتماعية الخاطئة عنهم، تتمثل في أنهم فئة متميزة وقادرة على شق طريقها في الحياة بقوة ويسر، ولا يمكن أن تتعرض للمشكلات، وهي الأقدر على تطويع البيئة المحيطة، والتكيف معها بشكل أفضل من الآخرين.
ومع تطور حركة تربية الموهوبين، وتطور الاهتمام بحاجاتهم الانفعالية والاجتماعية، زاد الاهتمام بالطفل الموهوب، ليكون عضواً مساهماً وفاعلاً في تطوير مجتمعه. وبالمقابل تشير الدراسات إلى أن هناك نسبة لا بأس بها من الأطفال الموهوبين يتسربون من المدارس، وتشير دراسات أخرى إلى أن بعضهم يعاني من تدني التحصيل، ومنهم من يعاني من الاكتئاب، وغيرها من الضغوطات التي قد تنبع من وجود معتقدات غير منطقية تدور حولهم وحول مواهبهم، وما يتبعها من ممارسات قد تشكل ضغطاً على مثل هؤلاء الطلبة ولا تسهم في تلبية حاجاتهم، مما قد يؤدي إلى نشوء عدة مشكلات انفعالية واجتماعية وأكاديمية.


ارشاد الموهوبين


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع