مدونة داليا محمد شافع


ما هي آلية السماح بالرحيل ؟

داليا محمد شافع | Dalia mohamed shafee


13/03/2025 القراءات: 12  


السماح بالرحيل باختصار هو عملية تحدث بوعيّ وتتكرر بناءً على رغبتك، وبهذا تكون مسؤولاً عن مشاعرك ولن تكون تحت رحمة العالم ورد فعلك تجاهها ولن تكون الضحية.
نحمل على عاتقنا تراكمات من المشاعر والسلوك والاعتقادات السلبية، وهذا الضغط المتراكم يجعلنا بائسين، وهو مصدر للكثير من الأمراض والمشكلات التي تواجهنا، فنحن نستسلم لهذه السلبيات ونفسرها بإنها “حالة إنسانية”، ونسعى للفرار منها بطرق لا تعد ولا تُحصى.
فيمضي الإنسان العادي حياته في محاولة تجنب فوضى مشاعر الخوف من الألم والعذاب والفرار منها، أما مشاعر حُبّ الذات فهي مهددة دومًا على الصعيدين الداخلي والخارجي.
ليست الأفكار التي تؤلمنا ولا الحقائق ولكنها المشاعر التي تُصاحبهم، فالأفكار بحد ذاتها غير مؤلمة، إنها المشاعر الكامنة خلفها.
إن ما يُسبب الأفكار هو ضغط المشاعر المتراكمة، فشعور واحد على سبيل المثال يمكن أن يتسبب بالضبط بآلاف الأفكار خلال فترة معينة، فكر على سبيل المثال بذكرى مؤلمة حصلت منذ زمنٍ بعيد، بشعورٍ واحد من الندم الشديد اختبأ في داخلك، وأنظر إلى الأفكار المتعلقة بهذا الحدث الواحد التي راودتك عامًا تلو الآخر. إذا ما استطعنا أن نتخلى عن الشعور المؤلم الكامن خلفها فإن كل هذه الأفكار ستختفي فوراً وسننسى ما حصل.
المشاعر والآلية العقلية
لدينا ثلاث طرق في التعامل مع المشاعر: القمع والتعبير والهروب.
1. القمع والكبت
هاتان الطريقتان من أكثر الطرق استخدامًا فمن خلالهما ندفن مشاعرنا ونضعها جانبًا، يحدث الكبت بلا وعيّ أما القمع فبوعيّ، فنحن لا نود أن نُزعج أنفسنا بمشاعرنا، فضلاً عن أننا لا نعرف ماذا بإمكاننا أن نفعل غير ذلك.
نعاني منها ونحاول أن نستمر بالحياة بقدر الإمكان، والمشاعر التي نختار أن نقمعها أو نكبتها تتوافق مع برمجيات بالوعي واللاوعي فنحملها بداخلنا بحسب العرف الاجتماعي والبيئة الأسرية، فتظهر المشاعر المقموعة لاحقًا على هيئة انفعال ومزاجية وتوتر في العضلات والرقبة والظهر، وصداع ومغص حاد واضطرابات في الدورة الشهرية والتهاب قولون وعسر هضم وأرق وحالات جسدية أخرى.
وعندما نكبت شعورًا ما، فإن هذا يكون بسبب الشعور بالكثير من الذنب أو حتى الخوف من شعور لم نشعر به بوعيّ أبدًا، فيندفع فورًا نحو اللاوعي بمجرد أن يهدد بالظهور، وبهذا يتم التعامل معه بعدة طرق لضمان إبقائه مكبوتًا وخارج نطاق الوعيّ.
2. التعبير
مع هذه الآلية، يتم التنفيس عن المشاعر والتعبير عنها من خلال لغة الجسد وإظهارها عن طريق مجموعة مظاهر غير منتهية، فالتعبير عن المشاعر السلبية يسمح فقط بالتنفيس عما يمكن من الضغط الداخلي ليتم قمع ما يتبقى منه، وهناك نقطة مهمة يجب فهمها، ففي حين يؤمن الكثير من الناس أن التنفيس عن مشاعرهم يُحررهم منها، فإن الواقع عكس ذلك، فالتعبير عن شعورٍ ما، أولاً يزيده ويُعطيه طاقة أكبر، وثانياً فإنه ببساطة يقمع ما تبقى من المشاعر ويُخرجها من نطاق الوعي. إضافة إلى أن إفراغنا مشاعرنا السلبية على الآخرين، سيعتبرونها هجوماً عليهم، ما يُجبرهم بالمقابل على قمع مشاعرهم أو التعبير عنها أو الهروب منها، ولذلك فإن التعبير عن السلبية ينتج عنها تدهور في العلاقات ودمارها.
وأفضل بديل لها هو تحمل مسؤولية مشاعرنا وتحييدها وبهذا لا يتبقى سوى المشاعر الإيجابية للتعبير عنها.
3. الهروب
هو تجنب المشاعر من خلال الإلهاء، فهو أساس صناعة التسلية وهو طريقة مدمني العمل.
يشعر الناس بالتعاسة لأنهم غير واعين، فنحن نلاحظ تعلقهم بالهاتف ليدخلوا في حالة تشبه الحلم ودائمًا ما يكونون مبرمجين بسبب البيانات التي صُبت بداخلهم. وهم يخشون مواجهة أنفسهم ويفزعهم الجلوس بمفردهم ولو لدقيقة وهذا ما تسبب في وجود أنشطة مجنونة مستمرة: النشاطات الاجتماعية التي لا تنتهي والرسائل النصية والعمل والسفر والتسوق.
إن أساليب الهروب خاطئة ومجهدة وغير مجدية فهي تحتاج إلى كميات هائلة من الطاقة كي تضمن عدم زيادة الضغط الناتج عن القمع والكبت، فيحدث فقدان تدريجي للوعي وكبح للنضج، بالإضافة إلى خسارة الإبداع والطاقة والاهتمام الحقيقي بالآخرين، وبالمقابل زيادة في المشكلات الجسدية والنفسية والوفاة المبكرة.
إن إسقاط هذه المشاعر المكبوتة يتسبب في مشكلات اجتماعية واضطرابات، وزيادة في الأنانية والقسوة التي تعد سمة من سمات حاضرنا، والأهم من هذا كله فإنه يؤثر في عدم القدرة على حب الشخص الآخر والثقة به، ما يؤدي إلى العزلة العاطفية وكره الذات. وعلى العكس مما ذكر بالأعلى وبدلاً من ذلك، ما الذي يحدث حينما نسمح برحيل شعورٍ ما؟ تستسلم الطاقة الكامنة خلف هذا الشعور وبهذا نتحرر من الضغط.


السماح بالرحيل


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع