إذا هبت رياحك فاغتنمها شهر رمضان
د/ بكاري مختار | Dr. BEKKARI mokhtar
04/05/2020 القراءات: 6421
الحمد لله حمدا كثيرا ......
تمر علينا نفحات روحانية ونفسية وجسدية تمثل فرصا للارتقاء والنقاء، ولأن القلوب تتقلب، التقطها كلما حانت واستمتع بها في لحظتها ولا تنتظر اللحظات القادمة وتخطط لها، فالعفوية طعمها أجمل.
فإذا سمعت تلاوة جميلة ورقّ قلبك لا تغير المحطة وابعث عن اسم القارئ، شعرت بالمحتاجين وأنت تشاهد وثائقي تبرع عبر موبايلك مباشرة، طلب أبناءك أن تلعب معهم اترك ما في يدك والعب معهم، تذكرت أنك لم تزر أهلك من مدة اذهب وصل رحمك أو حتى اتصل عليهم، عزمك أصدقاءك على لعبة كرة أو مشوار رياضي انطلق، سمعت بنشاط عائلي إبداعي اشتر تذكرة وفرح أبناءك، رأيت مهموماً شارد الذهن، تقدم إليه وواسيه لعلك تخفف عنه، فرصة للسفر ومغامرة مثيرة احجز ، التقيت بشخص مميز تقدم وسلم عليه وتعرف عليه.
وفي القرآن الكريم آيات تحثك على السباق نحو: (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ) (البقرة:133 ((سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ) (الحديد:21)، وفي الحديث: "بادروا بالأعمال..".
ومن الفرص التي لا تعوض وتستحق أن تنضم إلى الاشتراك في بطولتها ومسابقتها، عشر ذي الحجة فقد قال عنها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ اْلأيَّامِ الْعَشْرِ"، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ"..
ويقارن ابن تيمية بين عشر ذي الحجة وليالي القدر أيهما أفضل فيقول: أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة".
هذه المواسم جاءت رحمة من الله بنا، فهي محدودة لكن فضلها أوسع وأعظم؛ فهو تعويض لنا عن قصر أعمارنا ففي الحديث أعمار أمتي بين الستين والسبعين.
وتروي كتب التاريخ أن نوحاً عليه السلام رأى امرأة تبكي، فسألها: "لماذا تبكين؟"، قالت: توفي ابني وهو صغير فسألها نوح عن عمر ابنها، قالت: 300 سنة، فرد عليها نوح بقصد التخفيف عن حزنها: "فماذا سوف تفعلين لو عشتي في أمة أعمارهم لا تتجاوز الستين؟"، قالت: والله لو عشت معهم لجعلتها لله سجدة واحدة فمن رحمة الله أن أعطانا أوقاتاً وأعمالاً كي نضاعف بها أرصدة حسناتنا.
وتتعدد الأعمال التي تقربنا إلى الله في هذه العشر، من صلاة وصيام وصدقة وقراءة للقرآن وذكر الله، فكلٌّ يعمل على قدر استطاعته ووفق قدراته، لكن الأهم ألا نترك فضل هذه الأيام ونستبدلها بالأسوأ، فالعاقل يغتنم الفرص ويزيد حسناته فالآخرة خير وأبقى.
هذه أمثلة بسيطة لمواقف يومية عديدة تحتاج منا الإنصات والتربص باللحظات، فالحياة مثل الخفقات تصعد ثم تنزل، تتحرك ثم تسكن، وكما قال الإمام الشافعي المبدع (إن صح عنه):
إِذا هَبَّتْ رِياحُكَ فَاغْتَنِمْها فَعُقْبَى كُلِّ خافِقَة ٍ سُكُوْنُ
ولا تغفل عن الإحسان فيها فلا تدري السكونُ متى يكونُ
رمضان ، اغنتام الفرص
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة