مدونة الاستاذ المستشار نعمان عبد الغني
العنصرية والجهوية تهدد الرياضة الجزائرية
الاستاذ المستشار نعمان عبد الغني | Namane abdelghani
19/01/2020 القراءات: 3416
العنصرية والجهوية تهدد الرياضة الجزائرية
بقلم الاستاذ : نعمان عبد الغني
تشهد الجزائر في الآونة الأخيرة ظاهرة خطيرة تمس بقيم وبمقومات الأمة الجزائرية وبأمن واستقرار الوطن. إنها ظاهرة التمييز العنصري والنزاعات العرقية والدينية والمذهبية والجهوية، التي ظهرت بوادرها بشكل لافت في مناطق متعددة من الوطن، أدت إلى وقوع ضحايا في الأرواح وإتلاف ممتلكات. وتقف عدة عوامل وراء تفشي هذه الظاهرة من أهمها صفحات الفاسبوك، ما يستدعي وضع استراتيجية وطنية لمواجهتها، قبل أن تنتج عنها تداعيات أخرى تؤدي في نهاية المطاف إلى المساس بالوحدة الترابية وبوجود الدولة من الأساس.
تطلعنا وسائل الإعلام الوطنية بين الفينة والأخرى بسقوط قتلى وحدوث إصابات وحرق ممتلكات نتيجة نشوب نزاعات بين عروش في جهات مختلفة من الوطن لأسباب شتى أهمها الخلافات حول ملكية أراضي، أو نشوب نزاعات بين مجموعات من الشباب، أو مشادات بين أنصار فريقين كرويين فتتطور إلى مواجهات دامية وهتافات بشعارات عنصرية.
إن ما يحدث اليوم في واقعنا الاجتماعي في الجزائر من نزاعات قبلية وممارسات عنصرية خرجت إلى العلن عبر صفحات الفايسبوك، هي مدعاة للتأسف الشديد لما آلت إليه، ودعوة للتفكير العميق في سبل تصحيح هذه المشكلات.
رغم كل أهداف الرياضة النبيلة وهي من أهم مظاهر الحياة الإنسانية المعاصرة التي لا تؤمن بالجهوية والعنصرية والبغضاء بين الأمم والشعوب والأفراد، فإن هناك من ينتهك القيم النبيلة للرياضة بوسائل عديدة.
ولعل العنصرية فيها من أقبح وأسوأ الانتهاكات التي ما تزال تطفو على السطح، رغم أنها أخذت تتضاءل بعدما فضحت وسائل الإعلام الحديثة هذه الممارسات المشينة.
من المحزن أن أكثر هذه المخالفات العنصرية تحصل في دول تدعي الحضارة والمدنية والديمقراطية والمساواة واحترام حقوق الإنسان.
ولأن لعبة كرة القدم هي اللعبة الشعبية الأولى في العالم التي تظهر فيها بقايا التعامل العنصري الذي يشمل التمييز بلون البشرة والدين والأصول، وقد تابعنا العديد من هذه الانتهاكات خلال السنوات الماضية حتى في أكثر من مونديال أو بطولات أوروبية متعددة،
وتستدعي هذه الطبيعة المعقدة للعلاقة بين العنصرية وكرة القدم، الطابع الذرائعي للعنصرية وتوظيفاتها من جانب مشجعي الفرق الرياضية المختلفة. وفي هذا المضمار،
يوضح "رامون لويس جويج" في دراسته عن "العنصرية وكراهية الأجانب والتعصب في كرة القدم "(٣) أن العنصرية الذرائعية Instrumental racismفي كرة القدم تنطوي على نوع من السلوك يربط العنصرية بدرجة كفاءة لاعب كرة القدم وتواجده في الفرق المنافسة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يسخر المشجعون من اللاعبين ذوي البشرة السوداء في الفرق المنافسة، ولكنهم -في الوقت ذاته- قد يقبلون مثل هؤلاء اللاعبين إذا كانوا يلعبون في صفوف النادي الذي يشجعونه.
العنصرية هي انتهاك جسيم لحقوق الإنسان. إنه جريمة، ويجب أن يعامل على هذا النحو من قبل السلطات الرياضية. لا بد من العمل على نحو فوري أكثر حاسما إذا أردنا القضاء على الممارسات التي تشوب سمعة الرياضة الأكثر شعبية في العالم. نحن بحاجة لجعل كرة القدم متمشية مع التفكير الحالي بشأن حقوق الإنسان الدولية وتسليط الضوء على دورها كشريك جدير وقوي للغاية في الكفاح من أجل مكافحة العنصرية والتعصب."
فالعنصرية الجهوية السائدة بين الجزائريين لا تخفى على أحد. فكل ينتصر لولايته ولمنطقته أو لعرشه، كما أن تفشي المحسوبية على أساس الجهة أو العرش الذي ينتمي إليه الفرد أمر شائع جدا،
وتتخذ العنصرية على العموم أشكالا عديدة، فمنها العنصرية من أجل دافع ديني أو لغوي أو عرقي أو لمكان الولادة أو لمنطقة أو إقليم أو هوية، وكلها تصب في فعل واحد هو الكراهية غير المبررة، إذ لا تبرير لإنسان أن يكره إنسانا آخر لأنه مختلف عنه بشكل أو بآخر.
وإذا أدركنا أبعاد العبارة التي يقولها التاريخ بإصرار أن "كل مجتمع عنصري مصيره الاندثار"، نفهم لماذا حاربت كثير من الدول بكل الوسائل القانونية والمادية هذه الظاهرة وخصوصا الدول الأوروبية التي وضعت ضوابط صارمة لكي تتحكم في أي انفلات يكون سببه التمييز العنصري أو الديني.
العنصرية +الجهوية+الرياضة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع