متى تصاب المؤسسة بالسكتة الدماغية؟
محمد ناجي عبد الرب عطية | Mohammed Nagi Abdulrab Atiah
19/07/2020 القراءات: 3991
حياة المؤسسات
حينما ننادي بالمؤسسية ونطالب بالعمل المؤسسي المنظم، فإننا نعتقد أنه الضمان الوحيد للتوازن بين أداء الأفراد باعتبارهم عماد المؤسسات، وبين الأداء الجماعي الذي يكبح جماح أولئك الأفراد من الطغيان والتغول الفردي على حساب الأنظمة واللوائح، ناهيك عن الإبادة المتدرجة لمشاعر وإبداعات الأفراد الذين شابوا في تلك المؤسسات فشاخت معها خبراتهم وتلاشت أمالهم من طول تعمد تهميشهم والعبث بمشاعرهم الجياشة تجاه مؤسستهم.
فيامن تشرفتم بإنشاء مؤسسات المجتمع المتنوعة والواعدة ذات الأهداف الطموحة والقيم السامية، فحملت معها الآمال والطموحات بمعاني الخير والنماء في شتى مجالات الحياة، دعونا نهمس في آذانكم هذه الكلمات قبيل فناء جهودكم وموت مؤسساتكم، فنقول لكم:
واصلوا مشوار النجاح الذي تحلمون به، بإرساء المزيد من المؤسسية قولا وعملا نصا وروحا، وخاصة (خاصة) في دعم وتشجيع الأفراد الذين اعتنيتم باختيارهم وتعبتم في تدريبهم وتعليمهم فنون إدارة العمل؟
امنحوهم الفرص المتكررة ومهدوا لهم جميع الوسائل والسبل ليثبتوا لكم مهارات قد لا تجيدونها، ربما لأنهم وجدوا في جيل غير جيلكم وثقافة مؤسسية حديثة وابداعية غير ثقافتكم التي نشأتم عليها.
هيئوا المناخات وخططوا واتخذوا الإجراءات العملية لإبراز القيادات وإظهار الإبداعات والمواهب التي يجب أن تحمل الراية بعدكم وتحل محلكم حال رحيلكم (الدائم أو المؤقت).
ولا يخفى عن علمكم أن الإجراءات والتدابير المتخذة من قبلكم لن تجدي نفعا مالم يتهيأ لهم المناخ الملائم حتى يشعرون بالأمان التام والحرية الحقيقية في التعبير عن المشاعر والمواقف التي يتبنونها، دون كبت أو قمع أو استهانة بهم، فضلا عن القاء التهم المعلبة عليهم بالفساد والتمرد على أساليبكم وطرق إدارتكم.
أعراض السكتة الدماغية للمؤسسة /
فإذا أبيتم إلا الإصرار على أنكم الخيار الأفضل للمؤسسات دون سواكم، وأنكم الوحيدون أصحاب المرجعية الوحيدة لكافة قرارات وخطط واستراتيجيات المؤسسة.
وإذا بقيتم على اعتقادكم أنه لن يستطيع القيام بدوركم أحد من كوادركم المميزين ممن قد يتفوقون عليكم في القدرات والمهارات.
وإذا مضيتم منشغلين بدوامة العمل اليومي وتقديم الحلول لمشكلاته وتعقيداته في تجاهل للمختصين بتلك التفاصيل والجزئيات التخصصية، بما يؤدي إلى انشغالكم بقصد أو بغير قصد عن التخطيط الفعال استراتيجيا وتكتيكيا لمؤسساتكم.
إذا ظللتم على ترك العناية الفائقة بمستوى تحسين وتطوير أدائكم (الشخصي) بمتابعة كل جديد في مجال التطوير المؤسسي والقيادي، ودراسة الممارسات الحسنة التي وصلت اليها المؤسسات الرائدة في مجال تخصصكم محليا وإقليميا وعالميا.
إذا تركتم وأهملتم التأهيل الحقيقي لكوادركم، باعتبارهم أغلى موارد مؤسساتكم وليسوا عبئا زائدا عليكم، ثم وضعتم خططكم الواقعية للحفاظ عليهم من التسرب والرحيل من بين أيديكم، والعناية الفائقة الخاصة بمن ينوبكم حال غيابكم -الدائم أو المؤقت- عن مؤسساتكم.
وإذا ظلت مواردكم ومصادر تمويلكم جامدة وثابتة لا تتجدد ولا تتنوع في عالم يتغير ويتنوع وتحكمه المنافسة الشديدة والتحالفات الكبيرة والشراكات الفاعلة والتقلبات المتنوعة والفرص الكثيرة في مجالات الأعمال.
إذا ظلت قراراتكم فردية تتخذونها بمعزل عن ذوي الخبرة في مؤسساتكم، وكثيرا ما تسارعون الى تحميلهم نتائج الأخطاء المتوقعة لتلك القرارات الفردية، وقد تتخذونهم شماعات لتعليق إخفاقاتكم عليهم.
إذا ظل الحال كما هو..
فربما يأتي عليكم زمان ليس بعيد فتخيرون قسرا بين أمرين أحلاهما مر: إما التململ والتذمر منكم والمناداة برحيلكم عنهم أو رحيلهم عنكم وعن مؤسساتكم (الفردية) المتلفعة بثوب المؤسسية، وإما السكتة الدماغية والموت السريري لمؤسساتكم، وحينها عليكم أن تستعدوا لأن يقال: عظم الله أجر مجتمع نظر إليكم بنظرة أنكم الخيار الأفضل في إدارة المؤسسات الناجحة.
البناء - المؤسسي - المؤسسة - المؤسسات - العمل الجماعي -
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة