مدونة محمد كريم جبار الخاقاني


نجاح الدبلوماسية العراقية :قمة بغداد للتعاون والشراكة إنموذجاً

محمد كريم جبار الخاقاني | mohammed karim jabbar alkhakani


08/09/2021 القراءات: 2309  



نجاح الدبلوماسية العراقية: قمة بغداد للتعاون والشراكة إنموذجاً.
محمد كريم الخاقاني. اكاديمي وباحث في الشأن السياسي.
عُقد في بغداد مؤتمر التعاون والشراكة بتاريخ  ٢٨_٨_٢٠٢١  وبحضور تسع دول إقليمية فضلاً عن فرنسا في نجاح للدبلوماسية العراقية التي استطاعت جمع الأطراف المتنازعة في إقليم مضطرب، وهذا بحد ذاته إنجاز يحسب لكل من يؤمن بقدرة العراق على إستعادة مكانته الدولية. وعندما نتحدث عن السياسة الخارجية العراقية فإننا امام مسيرة حافلة بالإنجازات والإمكانات، فقد سعت بكل طاقاتها الى تغيير الصورة النمطية السائدة بسبب سياسات النظام السابق، إذ عملت الدبلوماسية العراقية ومنذ عام ٢٠٠٣ على تحويل النزعة العدوانية التي إنتهجها النظام السابق  وما تبعه من ويلات وحروب ليس على العراق فحسب، بل أمتدت لتشمل دول المنطقة بأكملها واصبح عنصر مُهدد للسلم والأمن الدوليين، الى عامل توازن و إستقرار فيها، فإنطلق من مبادئ وأسس اضحت تشكل التوجهات الجديدة للنظام السياسي الجديد، إذ رفعت شعار العمل من أجل السلام وإتباع آليات الحوار البناء واللجوء للوسائل والطرق السلمية في فض المنازعات والخلافات، وإحترام قرارات الشرعية الدولية وتنفيذ مقراراتها، فضلاً عن إظهاره كدولة محبة للسلام.
ومن خلال المؤتمر. نجد بإن العراق قد نجح فيما عجز عنه الآخرون، وذلك من خلال جمع الأضداد من الفاعلين الإقليميين والجلوس الى طاولة الحوار والإستماع لوجهات النظر المتباينة، وتأسيس بدايات حقيقية ومعالجات جذرية لمختلف الأزمات في المنطقة، وهذا يرجع كله لمحورية العراق ودوره في تقريب المسافات بين جميع الاطراف، وهي نقطة تحسب لصالح العراق، فهو الوحيد من بين دول المنطقة يتمتع بعلاقات ودية مع الجميع وهذا ما ساعد في جعله طرفاً مقبولاً ووسيطاً ناجحاً لحل الخلافات، ومن هنا نرى بإن سياسة الحياد الإيجابي التي إتبعتها السياسة الخارجية العراقية كانت لها صداها وتأثيرها، فالعراق ومنذ امد بعيد يصرح ويعلن بإنه ضد سياسة الأقطاب والمحاور والإصطفاف مع طرف ضد آخر، بل هو يريد جعل العراق ساحة لتلاقي الأضداد وليس ساحة صراعات وتجاذبات، ليكون عاملاً مؤثراً في تحقيق السلام والإستقرار في المنطقة بعد سنوات طويلة من الازمات والدمار.
وتمخض المؤتمر عن أبرز التوصيات التي تدعم وجهة النظر العراقية؛ إذ دعمت الدول المشاركة في المؤتمر الحكومة العراقية وسعيها لإقامة الإنتخابات النشريعية في موعدها المحدد في ١٠_١٠_٢٠٢١ ويظهر ذلك بصورة واضحة بما اشار اليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بهذا الصدد وإن بعثات الإتحاد الاوربي ومنظمة الأمم المتحدة ستكون جاهزة للمراقبة على تلك الإنتخابات، فضلاً عن تعهدات بدعم الإستقرار في العراق والمساهمة الفاعلة في عملية إعادة إعمار المناطق المحررة من تنظيمات داعش الإرهابية، وكذلك تاكيد الدعم اللازم للإقتصاد العراقي عبر مشاريع أُعدت لهذا الغرض، ومن ابرزها الدعم الخليجي للعراق في المجالات الإقتصادية والإستثمارات في مختلف القطاعات والتحضير لعقد مؤتمر للإستثمار والأعمار في المرحلة القادمة وحسب تصريحات ادلى بها امين عام مجلس التعاون الخليجي نايف العجرف، ويمكن ملاحظة ابرز ما نتج عن المؤتمر عبر سيادة الأجواء الإيجابية والرغبة الصادقة في حسم الخلافات، إذ عملت القمة على جعل المناخ مناسباً للقاء وتبادل وجهات النظر والتحضير لجولات مستقبلية للحوار والتفاوض بشان مختلف القضايا والعمل الجاد من اجل تطوير العلاقات بين مختلف الأطراف.
لقد نجح العراق في تاكيد رؤيته التي أنطلق منها للمجتمع الدولي عبر سياسة خارجية متوازنة تعمل على تحقيق مصالحه في محيط متأزم والعمل من اجل تحقيق الإستقرار الذي سينعكس بدوره على الجميع، وهذا ما اكدته مواقف الدول وقادتها، إذ إن إستقرار العراق يعني إستقرار المنطقة، وليس ادل من تصريح رئيس الوزراء الكويتي الشيخ صباح خالد الصباح على ذلك، إذ إن الامة العربية لن تنعم بالإستقرار والعراق يفتقده، وهذا بحد ذاته تاكيد على محورية الدور العراقي في الإستقرار ودعم جهود إحلال السلام في المنطقة.
وفي هذا الإطار، يذهب السيد وزير خارجية العراق فؤاد حسين الى تأكيد الرؤية العراقية الرسمية  بمحورين، الأول يتعلق بوضع خطة إستراتيجية لمواجهة خلايا تنظيمات داعش الإرهابية، اما المحور الثاني يتعلق بفتح قنوات للحوار الإقليميّ والتفاهم على اساس التعاون والشراكة والتي تعود بالفائدة والنفع علي جميع دول المنطقة.
إن نجاح الدبلوماسية العراقية في تنظيم مؤتمر قمة بغداد للتعاون والشراكة والذي كان ثمرة جهود كبيرة عملت عليها منذ مدة الحكومة العراقية والمشاركة الفاعلة لدول المنطقة وخروجه بتوصيات يؤكد نهج الخارجية العراقية في إتباع سياسة التوازن والحياد وعدم تفضيل طرف على آخر، والعمل من أجل مصالح الجميع وهو ما يصب في مصلحة العراق بالتأكيد.
*منشور في جريدة الدستور.




الدبلوماسية، العراقية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع