مدونة وسام نعمت ابراهيم السعدي


التعايش السلمي أزمة المفهوم وإشكاليات الدلالة:" تمهيد وتقديم " ج2

د. وسام نعمت إبراهيم السعدي | DR.Wisam Nimat Ibrahim ALSaadi


31/10/2024 القراءات: 435  


التعايش السلمي أزمة المفهوم وإشكاليات الدلالة:
الأستاذ المساعد الدكتور وسام نعمت السعدي
" تمهيد وتقديم "

وبالتالي تعطي فكرة التعايش السلمي للتنظيم الدولي معاني كبيرة تتعلق باحترام قيم الوجود والبقاء لأشخاص القانون الدولي وتنمية علاقات العمل والتعاون في اطار من احترام مبدأ المساواة في السيادة واحترام منظومة الحقوق الجوهرية لأشخاص القانون الدولي وفي مقدمتهم الدول، فالمنتظم الدولي لا يمكن له أن يتخلى باي شكل من الأشكال عن المعطيات الإيجابية التي يوفرها التعايش السلمي الذي يجمع ما بين الطابع الرسمي في واقع العلاقات الدولية في حدود تلبية متطلبات حفظ الأمن والسلم الدولي وتعزيز الطابع غير الرسمي في تلك العلاقات من خلال منظومة العمل الدولي غير الحكومية وما يتصل بها من عناصر المجتمع المدني العالمي، وبالتالي يكون ثمة امتياز واضح يمنح لمصطلح التعايش السلمي كونه مصطلح تلتف حوله منظومات العمل القانونية الدولية في إطارها الحكومي وغير الحكومي.
ومن هنا نجد أن المنظمات الدولية المعاصرة كانت احد ابرز مظاهر ترسيخ مفهوم التعايش السلمي وسعت تلك المنظمات من اجل تقديم تصورات حديثة ومتطورة للتعامل مع هذا المصطلح في الواقع الدولي، وتمكنت تلك المنظمات من أن تدرج في أدبياتها وأعمالها نظام مميز للتعايش السلمي له خصوصياته وأصوله ومنهجياته وله مساحته المميزة في التطبيق لتقدم بذلك شكلاً مثالياً في دعم إقرار المصطلح ودفعه إلى الواقع الدولي الملموس وإدماجه في أدبيات القانون الدولي، لتسجل في ذلك نجاح فعلي في طرح مصطلح جديد ومتجدد في قاموس القانون الدولي له توصيف القانوني الذي يتميز به عن غيره.
وباعتقادنا أن هذا الأمر ارتبط ايضاً في النجاح الحقيقي لتجربة التنظيم الدولي وبشكل خاص المنتظمات الدولية العالمية التي تمكنت من أن تعمل على إقناع الدول بأهمية الرضوخ لقواعد القانون الدولي التي تنظم المصالح المشتركة والتي تحمي القيم الإنسانية والدولية ذات الأهمية الخاصة فنجحت في أن تنتزع الاعتراف بوجود نظام مستقل للقانون الصارم أو الجامد والذي يتسم بالسمو والآعلوية ممثلاً بالقواعد الدولية الآمرة والقواعد الدولية في مواجهة الكافة، والتي أصبحت بمثابة الخطوة الجوهرية للاعتراف بقيم دولية سامية تمثل مبادئ ومرتكزات جوهرية لبناء أسس القانون الدولي والتي يكون من بينها التعايش السلمي احد تلك المرتكزات والعناصر والقيم الكبرى التي اعترفت المنظمات الدولية والدول بوجودها وبإلزاميتها والامتثال لها في اكثر من وثيقة دولية ملزمة كان من بينها ميثاق الأمم المتحدة لسنة 1945.
وليس بعيداً عن التنظيم الدولي وقانون المنتظمات الدولية نجد أن التعاون الدولي بأبعاده المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية يقوم على ركيزة حقيقية يؤثر فيها ويتأثر بها بشكل واضح وهي فكرة التعايش السلمي، فالتعايش السلمي يضفي على علاقات التعاون الدولي بعداً واضحاً في الاستمرار والانفتاح ويقدم دعماً فعليا لجميع البرامج والخطط التي تدخل في اطار التعاون الدولي ليتم تنفيذها في أعمال ترتبط بقيم بناء روابط وعلاقات مثالية تعزز التعايش السلمي وتوفر سبل النجاح لتحقيق مقاصده في بناء علاقات طبيعية ما بين الدول وما بين المنظمات الدولية وفي توفير بيئة صحية للعمل المشترك وللتعاون الدولي بعيداً عن جميع مظاهر الخلاف والتهديد وزعزعة الثقة بالآخرين.


التعايش السلمي- السلم والامن - المنظمات الدولية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع