نقل الزكاة وزكاة الفطر إلى أهل غزة، والمعتبر في قيمتها
د. طه أحمد الزيدي | Dr. TAHA AHMED AL ZAIDI
01/04/2024 القراءات: 850
س: ما حكم نقل الزكاة وزكاة الفطر الى أهالي غزة ؟
ج: الأصل أن زكاة الفطر تتبع بدن الإنسان فيخرجها في البلد الذي هو فيه، ولكن يجوزُ نقلُ الزكاة وما في معناها كزكاة الفطر إلى بلدٍ آخر لحاجةٍ أو مصلحةٍ؛ وقد نصَّ على هذا السادة الحنفيَّة، والمالكيَّة، وهو قول عند الشافعية وروايةٌ عن أحمد، واختاره ابنُ تيمية رحمه الله، لعموم النصوص بإخراج الصدقات الى مستحقيها من غير تقييدها ببلد المتصدق أو المزكي، وكان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يَستدعي الصَّدَقاتِ إلى المدينةِ، ويَصرِفُها في المستحقِّين من أهل المدينة ومن غير أهلها ، وكذلك فعلَ الخلفاء الراشدون، فقد نقَلَ أميرُ المؤمنين عُمَرُ بن الخطاب رَضِيَ اللهُ عنه زكاةَ مِصرَ إلى الحِجازِ، ومن دفع الحق إلى مستحقه فقد برأت ذمته، قال القرافي رحمه الله: (إنْ كان فيه- أي بَلَدِه- مُستحِقٌّ، لكنْ حاجةُ غَيرِه أشدُّ، نقَلَها) ، وقال ابنُ تيميَّة رحمه الله: (يجوز نقْلُ الزَّكاةِ وما في حُكمِها؛ لمصلحةٍ شرعيَّة) .
وبناء على ما سبق : يجوز نقل الزكاة وما في معناها الى بلد آخر إذا كان ذلك لمصلحة شرعية أو حاجة، كنقلها للمرابطين في سبيل الله، أو لقرابة يستحقونها فهي صلة وصدقة، ولفقراء فيه أشد حاجة من فقراء بلده.
وأكثر هذه المعاني متحققة اليوم في أهل غزة لرباطهم ولحصول المجاعة عندهم، وقد وجبت إعانتهم، فجاز نقل الزكاة وما في معناها إليهم.
س: إذا أراد نقل زكاة الفطر الى البلد الآخر (غزة مثلا)، هل يخرجها على قيمة البلد الذي هو فيه أم على قيمتها في البلد الذي تنقل إليه؟
ج: يخرج قيمة زكاة الفطر في بلده التي وجبت عليه فيها، ثم يرسلها إلى البلد الآخر؛ لأنها القيمة التي وجبت في ذمته، وزكاةُ الفطر تتعلق بمحلِّ وجود المزكي، لا بمحَلِّ وجودِ ماله، أو محلِّ وجود الفقير، فالعبرة بمكان الوجوبِ لا مكان الإخراج، ولا سيما إن كانت قيمتها في البلد الآخر أقل سدا لذريعة التحايل في إخراج الأقل بسبب رخص الأسعار في البلد الآخر، وإخراج الزيادة عن الصاع أو قيمته جاز له وهو خير، وفيه زيادة نفع للفقراء والمحتاجين.
ولكن إن كانت قيمتها في بلد إقامته، أقل من قيمة الزكاة في البلد الذي نقلت إليه، فإنه يلزمه إما أن يخرجها في محلِّ إقامته طعاما أو نقدا فتبرأ الذمة بإخراج ما وجب عليه في محلّه، وإن أراد إخراجها في بلد آخر، ينبغي عليه إما أنْ يشحنها طعاما إلى ذلك البلد، وإن أراد إخراجها نقدا عليه أن يخرج ما يساوي قيمة الصاع في بلد الإخراج، لأنه لو أرسل بالقيمة الأقل، لم يكن قد أخرج صاعا، حيث أخرجه، ولا أخرج قيمته، قال النووي رحمه الله: (فإن عدل عن قوت البلد إلى قوت بلدٍ آخر، نظرت: فإن كان الذي انتقل إليه أجودَ أجزأه، وإن كان دونه لم يجزه) ، وسبب التفريق بين الحالتين: أنّ زكاة الفطر لا تكون أقلَّ مِن صاع، ولكن تصح الزيادة فيها على الصاع، وهذا هو الأحوط.
ولو تعذّر عليه نقلُ زكاة الفطر وشحنها، وشقّ عليه دفع أكثر من قيمة صاع بلده، وقامت الحاجة أو المصلحة في نقلها إلى البلد الآخر، فقد أجاز بعض فقهاء المالكية كالخرشي : أن يبيع الصاع ويشتري بثمنه طعامًا مثله في البلد الآخر ولو كان قدْرُه أكثرَ مِن البلد الأول، أو يقوِّمه في بلده ثم يشتري بقيمته طعامًا في البلد الآخر؛ لأنّ الشرعَ أوجبها عليه صاعًا مِن آصع بلده أو محلِّ إقامته، وقد أخرج ذلك في بلده، وهذا فيه تيسير على المزكي الذي يرغب بإعانة إخوانه المحتاجين في بلد آخر، وفيه توسعة وزيادة في سدّ حاجة الفقراء والمحتاجين في البلد الآخر.
والأخذ بالقول السابق أحوط للمزكي، وفي الثاني توسعة وزيادة خير للمحتاجين في غزة، والعمل بأي من القولين مجزئ. والله أعلم.
نوازل غزة- زكاة الفطر- نقل الزكاة- قيمة الزكاة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع