طوفان الأقصى، مواقف وعبر، (٤) المباغتة الهجومية
سيف بن سعيد العزري | SAIF BIN SAID ALAZRI
11/10/2023 القراءات: 1046
إنّي لأعجب كلّ العجب حين أرى تلك المقاطع من #طوفان_الأقصى حين يباغتُ الأبطالُ الأشاوسُ جنودَ الجيشِ الصهـ.ـيـ.ـوني في الثكنـ.ـاتِ العسكرية وفي المعابر والمراكز، فتراهم ينزلون عليهم نزول الصقور على فرائسها، ويثبون عليهم ثبةَ الفهود على طرائدها، فتُشلُّ حركتُهم وتُقوَّضُ مقاومتُهم، مشدوهينَ بما يلمّ بهم في لمحِ البصرِ،،،،
هذا ما كانَ منذ بداية المعركة، حيث كانت المباغتة الهجوميّة بخمسة آلاف صاروخ مع شلّ حركة الرشّاش الآلي مع الإنزال الجوّي بالمظلات والبحري بالزوارق والبري راجلين أو راكبين، وكذا فيما بعد ذلك إلى اليوم الرابع، حيث باغت الأبطالُ الأشاوس الجيشَ الصهـ.ـيـ.ـوني بإنزال جوّي في أسدود متزامناً مع زحف بحريّ في عسقلانَ بالتزامن مع القصفِ المكثّفِ علي عسقلان بعدَ انتهاء المهلة لمغادرة المدينة،،،
وقد كان لتلك المباغتة الهجوميّة من النتائج الأمنيّة والعسكريّة ما أورث قيادة الاحتلال الصدمةَ الكبرى، والتي عدّها المحلّلون العسكريّون فشلاً استخباراتيّاً ذريعاً وهزيمة عسكريّة ساحقة،،،
ولا بِدعَ في ذلك فإنّ هذه الثلّة المؤمنة قد تربّت على الهدايات القرآنيّة واستنارت بإشاراته العسكريّة، أليسَتِ المباغتةُ الهجوميّةُ هي نصيحةَ الرجلين المؤمنين لقومِهما حينَ تخاذلوا، فلم يستجيبوا لنداءِ موسى - عليه السلام -بدخولِ الأرض المقدّسةِ، بدعوى أنّ فيها قوماً جبّارين، فكانت النصيحة الثمينةُ بأنْ لا ينظروا إلى جبروتِ عدوّهم بل يباغتوه في الهجومِ بدخولِ الباب، فالمباغتةُ تضعُفُ معها المقاومة،ُ قال الله تعالى: {قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين} [سورة المائدة:23].
وكانَت المباغتة الهجوميّة هي سبيلَ القادة الناجحينَ إلى امتلاك ناصية الحرب منذ انطلاق شرارتها الأولى ليوجّهوها بعد ذلك إلى النصر الحاسم، ومن أولئك سيف الله المسلول، كما أبلى في معركةِ فتح الشام، فقد استعصى عليه حصنُها، وطالَ حصارُها حتى قيل بأنّه قد وصلَ الحصارُ إلى أربعةَ عشرَ شهراً، إلى أن صادفَ أنْ أقامَ بِطْريقُ الشامِ حفلاً بمناسبة ولادة مولودٍ له، فصنع للناس طعاماً فأكلوا، وسقاهم بعده الشرابَ فشربوا، فغشيَهم على إثرِ ذلك نومٌ عميقٌ، فترك الجندُ أماكنَ الحراسةِ، فلمّا رأى خالد أنّ الأسوار قد خلتْ من الحرّاسِ ولاحظ هدأةَ تلك الليلة، اقتنص هذه السانحة، واهتبل هذه المواتية، فانطلق مع بعض الجندِ، فأثبتوا سلاليم الحبال التي أُعدّتْ من قبلُ في الشرفاتِ عالياً، وأثبتْوها بعدَ خندقِ المياه أرضاً، فلمّا ارتفعوا على الأسوارِ كبّروا فلحقهم المسلمونَ، وانحدر خالدٌ ومنْ معه إلى البوّابين، فباغتوهم بسيوفِ الموتِ الزّؤام، وفتحوا الأبواب عنوةً، فكانَت تلك المباغتةُ الهجوميّة نصراً مؤزّراً خُلّدَ على صفحاتِ التأريخ نوراً.
فالعبرةُ من ذلك أنّ أمّة الإسلام ينبغي لها أفراداً وجماعاتٍ أنْ تتخذَ المباغتةَ الهجوميّة منهجاً في حياتِها باقتناص الفرص المواتية في شتى مجالاتِ الحياةِ، ليكونَ لها قدمُ سبقٍ وقدمُ صِدقٍ، تسيرُ بها بخطىً ثابتةٍ نحو أهدافِها وغاياتِها، فهذا العالم ليس فيه موطئ قدمٍ للمتراخينَ المتقاعسينَ.
سيف بن سعيد العزري
عشيّة الأربعاء 2٥ ربيع الأول 1445هـ،
الموافق له 1١ أكتوبر 2023م.
طوفان الأقصى، فلسطين، غزة، القسام،
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة