كونت ثورة الإمام الحسين ابرز مظاهر التحدي والمواجهة للدولة الأموية، وهي في أوج قوتها وشدة بأسها، وما تملكه من مال وحشد للجند والأتباع، وتتعدد المصنفات وتكثر البحوث بشأن الحدث، ومن جوانبه المختلفة، وبات صعباً على الباحث أن يحصي كل ما كتب ودون لهذه الواقعة، والنتائج التي تمخضت عنها، سياسيا، وفكريا، وعقائديا؛ ومع كثرة البحوث وتعدد مضامينها واتساع إغراضها، إلا إنها أغفلت المسيرة التي قادها الحسين من بيته في مدينة الرسول ومتجهاً بها صوب كربلاء.
فالدراسة التي نقدمها لتوضيح مسار ذلك الركب الذي قاده الحسين في حركة واضحة المعالم، كبيرة الدلالة لذلك النهج الدعائي الكبير، الذي قصده الحسين في مسيرة هذا لغرض حشد المؤيدين والأتباع من جانب، وإيضاح ما ينشده ويدعو إليه من جانب أخر، فكان الطريق الذي سلكه سجلا حافلا بكل مضامين الثورة واتجاهاتها، وما أراد الحسين تحقيقه، وطبيعة النهج القادم، وأسلوب العمل بموجبه، وتجلى كل ذلك في أحاديث الحسين وخطبه وأقواله فيما هو قادم عليه منذ خروجه من المدينة وحتى وطأت قدماه ارض كربلاء.