ثقافة التسامح واثره في تقدم المجتمعات
هيثم عبد الرحمن احمد | AhmedHaitham abedalrahman
22/10/2019 القراءات: 4852
يعد مفهوم التسامح من أكثر المفاهيم التي طرحت بقوة في نهاية القرن الماضي ؛ كنتيجة طبيعيّة لانفتاح العالم على بعضه البعض ، واختلاط الأجناس والأديان والأعراق بعضها ببعض ممّا يتطلب وجود التّسامح فيما بينهم لضمان التعايش ؛ ومما لا شك بأن التسامح هو الاحترام وقبول الآخر بكل ما يرتبط به من ثقافة وحضارة وشلوك ودين وعرق وغيرها من الاختلافات بين النّاس ، واعتباره ضرورة مهمة في محلات الحياة كافة على النواحي السياسية و الاقتصادية وليس مجرّد فعل أخلاقي حميد يرجع الى دوافع شخصية فقط ، إضافة الى انه صفة سامية تعمل على تنشر السّلام في العالم ، وتساعد على إحلال ثقافة التعايش محل ثقافة الحرب ورفض الاخر لحنسة او لونة او عرقه.
ولابد من الإشارة الى ان ثقافة التسامح و السلام لا تعني الاستسلام و القبول بالأمر الواقع ، بل عليها التنديد كل أوجه الاحتلال و العدوان التي تتعرض لها الشعوب في العالم وعليها أن تكون في خدمة القضايا العادلة ، ( ابو اصيع وآخرون ، 2011 ، ص 208 ) .
ولم يأمر الله سبحانه وتعالى أنبيائه إلا لتحقيق المحبة والسلام والتعايش ، ورسالة الأديان السماوية كانت على الدوام تدعو للتالف والتأخي بين الناس دون مصادرة الحريات ودون فرض او إكراه ( فذكر إنما أنت مذكر : لست عليهم بمصيطر ) ( سورة الغاشية ، الآيتان : 21 - 22 ) ( ولو شاء ربك لأمن من في الأرض كلهم جميعا أفانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) ( سورة يونس ،الآية : 99 ) وهذا دليل على مدى تسامح و تقبل الآخر في الدين الاسلامي .
وعلينا أن نبدأ بترسيخ قيم التسامح والحوار الثقافي و تقبل الرأي و الرأي الآخر داخل مختلف التقاليد الثقافية و الدينية وداخل مختلف الأنظمة التربوية و التعليمية ، ليتحول إلى جزء لا يتجزء من سلوك فردي وجماعي داخل الأسرة ، بين الأفراد ، بين الجماعات وبين الأمم والشعوب . والحوار الثقافي المتحضر عملية مرتبطة بمدى تحصر المجتمع ، و مسار لبناء جيل واعي ، وذلك يتطلب المثابرة والنفس الطويل .
وعرفت الأمم المتحدة التسامح بأنه : " الوئام في سياق الإختلاف ، وهو ليس واجيا " أخلاقيا فحسب بل هو واجب سياسي ، و اتخاذ موقف إيجابي ، يتضمن الاعتراف بحق الآخرين بالتمتع بحقوق الإنسان و الحريات الأساسية ، وهو مسؤولية تشكل عماد حقوق الإنسان و التعددية ، وخصوصا " تعددية الثقافة و الديمقراطية و دعم القانون ، وهو ينطوي على نبذ الإستبدادية ، فكل إنسان حر في التمسك بمعتقداته ، و هو يقبل بتمسك الآخرين بمعتقداتهم ، ولهم الحق بثقافاتهم و تاريخهم و دينهم و معتقداتهم ولهم الحق في العيش بسلام في إطار التسامح . ( شعبان . 2003 ) .
هناك العديد من التعريفات لمفهوم التسامح من قبل المفكرين ، و كل تناوله من زاوية معينة ، فمنهم من شرحه شرح وافيا ومنهم من عارضه و رفضه رفضا مطلقا . ويتضح مما سبق من تعريفات للتسامح صعوبة تحديد معنى واحد للتسامح وان هناك اختلافات واضحة بين التعريفات العربية و الإسلامية ، وأن هناك اختلافات في التعريفات بين الأقدمين و المحدثين . ويرى الباحث ان السبب وراء ذلك يرجع إلى تطور المجتمعات الإنسانية و زيادة تعقيداتها خلال الأزمات المتعاقبة
ثقافة -التسامح-المجتمعات
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع