اقتصاديات الانفاق الاستهلاكي الترفي
ا.د. هنادي مصطفى عبد الراضي احمد | Prof.Hanady Mostafa Abdelradi Ahmed
23/12/2020 القراءات: 2903
تعد الثقافة الاستهلاكية ظاهرة عالمية ولا تقتصر على مجتمع بعينه او فئة بعينها من الناس داخل المجتمع. وانما تكاد تشمل المجتمعات الانسانية على اختلاف المستوى الاقتصادي و الاجتماعي والثقافي وكل الفئات والشرائح الاجتماعية في هذه المجتمعات. وقد حظى الاستهلاك باهتمام العديد من التخصصات العلمية كعلم الاقتصاد, وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا, وعلم النفس وغيرها لما يمثله هذا الموضوع من اهمية وتأثير بالغ في حياة المجتمعات الانسانية بصفة عامه وما يترتب عليه من آثار اجتماعية واقتصادية وثقافية بصفة خاصه كما شهد المجتمع السعودي موجات من التغيرات الاجتماعية والثقافية صاحبت التحولات التي تعرض لها العالم اجمع ازاء التوجه نحو العولمة، والغاء الحدود والحواجز امام حركات تنقل السلع ورؤوس الاموال وحرية التجارة العالمية، مما شجع بالضرورة حدة الاستهلاك على المستويين العالمي والمحلي. وقد عملت النزعة الاستهلاكية على اختراق الثقافات التقليدية للمجتمعات، ومنها المجتمع السعودي، فالنزعة الاستهلاكية Consumerism هي احدى القنوات التي تجعل الانسان التقليدي متطلعا الى العوالم الجديدة والتكنولوجيا المتطورة وان من ابرز أوجه السلبيات التي تتعرض لها الامم والحضارات وتكون معول هدم لكل بناء أو انتاج هو استشراء داء الاستهلاك الترفي في نفوس الافراد، فالإدمان عليه خطرا ودمارا كبيرا، لان أكثر ما يشغل هؤلاء المترفين هو توفير الاحتياجات المادية، واقتناء كل ما يستجد عرضة في الاسواق وفي وسائل الاعلام المختلفة. ولا شك ان للمرأة دورا كبيرا في ذلك، فهي تشكل العمود الفقري للأسرة ومن ثم لعالم التسويق و الاستهلاك لأنها غالبا ما تكون صاحبة قرار الشراء فيه وذلك وفقا لكثير من الدراسات، بل هي المستهلك الاول لكل ما تنتجه المجتمعات المتقدمة، حتى لقد اصبح الاستهلاك الترفي ثقافة سائدة بين النساء في المجتمع السعودي، والذي يتمثل في الانفاق على السلع الترفيه من ملابس وزينة وحفلات في مناسبات غير ضرورية بقصد حب التباهي والظهور أو تعويض نقص اجتماعي معين، مما يتسبب في استنزاف موارد الاسرة لأنه انفاق بدون عائد، واستهلاك غير ضروري ويدخل في اطار اهدار الثروة. و الملابس باعتبارها احد الحاجات الاساسية للإنسان فإنها تحتل جزء لا يستهان به من ميزانية الاسرة و السلوك الشرائي للملابس يختلف من اسرة لأخرى تبعا لعدة عوامل منها المستوى الاقتصادي للأسرة والوعي الاستهلاكي لدى افراد الاسرة وكذلك اتجاهاتهم غير ان رفع مستوى الاستهلاك تحول وبسرعة فائقة الى نزوع استهلاكي ملبسي مفرط تعدى تلبية الحاجات المعقولة والمبررة لسلع وخدمات اساسية الى اخرى كمالية، ومن ثم ترفيهية، ظهوريه، تفاخريه بكميات وتكلفة مغرقة في التطرف. فهذا النمط من الاستهلاك الملبسي الترفي طارئ ومستحدث على المجتمع السعودي لا يمت بصلة الى نمط الاستهلاك التقليدي في المنطقة، ولا ينسجم مع الخلفية الثقافية لمجتمعنا الذي يتخذ من مبادئ الاسلام حافزا له من اجل المحافظة على النعم. ومما يدل على خطورة هذه الظاهرة وبلوغها مستويات عالمية التأكيد بأن مسألة الافراط في الاستهلاك، وتفشي أنماط المظهرية الملبسية التفاخرية المستجيبة لصراعات الاستهلاك والقائمة على التبذير والمؤيدة لهدر الموارد، واخلال توازن البيئة تمثل تحديا خطيرا للتوجهات والجهود التنموية الحضارية.
الاستهلاك - الملابس - التفاخر
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع