مدونة أ.د حمود محسن قاسم المليكي


الإعلام العربي والتحولات المعاصرة

أ.د حمود محسن قاسم المليكي | Hamood Mohsen Gasem Almolukey


05/12/2022 القراءات: 1384  


المجتمعات العربية تتعرض منذ سنوات لمضامين إعلام غير صحيحة والمتتبع للإعلام العربي سيجد انه اتسم بطابع القطرية، وتأجيج الصراع السياسي العربي، واتسم أيضا في السلطوية لتمجيد الرؤساء والملوك والأمراء ولم يكن له أي دور تنموي، وتجسد بالابتعاد عن الواقع والجمهور وهو ما جعله يفتقر إلى المصداقية والفعالية، ولم يصب اهتمامه حول الجمهور، وإنما كان هدفه أساساً بإرضاء السلطة وليس الجمهور لإن النظم السياسية مشغولة أساساً في ترسيخ وجودها وضمان الاستمرار، وقد أدت سيطرة النظم الحاكمة على وسائل الاتصال الجماهيري العربية إلى جعل المضمون الإعلامي تابعاً للسلطة، وباتت مهمة القائمين بالاتصال مركزة على تلبية احتياجات هذه السلطة، حتى ولو كان الدفاع عنها ضد مصالح الغالبية من الجماهير، الذين أصبحوا بحكم ما قدمته هذه الوسائل من قيم وأفكار بعيدة عن الواقع الموضوعي ولذلك أصبحت الجماهير من خلال هذه الوسائل لا تدرك حقوقها السياسية والمدنية.
إن الصراع السياسي والإيديولوجي الذي يتضمنه الخطاب الإعلامي الرسمي العربي لعقود طويلة يرمي إلى إنتاج - أو إعادة إنتاج- المعاني، التي تقوم بوظيفة إعادة إنتاج علاقات الصراع والسيطرة والخضوع السياسي في المجتمع، إذ سعت النظم الحاكمة عبر استخدام خطاب إعلامي محدد إلى استبعاد ونفي الآخر, وعن طريق وسائل الإعلام الجديد تطور الأداء والوسيلة والوظيفة.
وتأسيساً على ما سبق يمكن تحديد سمات الإعلام العربي الجديد، في ظل التحولات الدولية المعاصرة، بثلاثة محاور تتمثل في:
• تعدد قنوات الاتصال المتاحة أمام الفرد إذ إن الإعلام المفتوح أتاح تعدداً أكبر في الوسائل والقنوات والمصادر والأصوات والمحتوى والجمهور، وان المزيد من المنتجين، ممن يبثون المزيد من المضامين المتنوعة، إلى المزيد من المستقبلين، يحدث بالضرورة المزيد من القنوات. فأتساع حجم المضامين، وضغط المنافسة، وتنوع رغبات المستقبلين وتزايد احتياجاتهم لا يمكن أن يتكيف –بالنتيجة- مع القنوات التقليدية التي كانت موجودة لوحدها، وقد نتج عن ذلك التحول إلى المشروعات الخاصة، في مجال البث الفضائي العربي، وبروز المنظومة التفاعلية الالكترونية في الإعلام العربي.
• استمرار الحاجة إلى استيراد البرامج من الخارج، ضمن سياق الاتجاه إلى العالمية والمحلية في وقت واحد، وقد نجم عن ذلك التعامل مع القضايا السياسية والثقافية والاجتماعية المهمة باعتبارها سلعة، والمنافسة مع الخدمات العامة، وهو ما يوجب ضرورة زيادة الاتجاه إلى المحلية، وكسب مكانة مهمة بين المتلقين المحليين لأنها استراتيجية مهمة.
• محاولة التفوق والحصول على المصداقية لاجتذاب المتلقين، لاسيما بعد إن حملت العديد من المضامين الإعلامية الوافدة قيماً تتنافى مع الهوية العربية، لقد تميز التدفق الحر للمعلومات في ظل العولمة – من وجهة نظر البعض- بطبيعة مراوغة ذات إبعاد متناقضة، ذلك انه لا يؤدي بالضرورة إلى حرية التعبير، بل يظهر دائماً مفهوم جديد للقرابة في عصر التدفق الالكتروني للمعلومات، يحمي مصالح المتحكمين بالسوق العالمية.
وتتفق كل المصادر الدولية والأكاديمية على إن العالم العربي هو من بين أقل مناطق العالم تجاهلاً لمجتمع المعرفة بوجه عام، وتأثيرات الفضاء المعلوماتي والفجوة الرقمية بوجه خاص في المجال الإعلامي والسياسي والاجتماعي العربي لان ذلك لم يعد خياراً ممكناً، حيث نجد عدم الإفادة الكاملة من خدمات الانترنت عربياً، وبالشكل الذي يوازي الاهتمام العالمي به، رغم التطور الذي أحدثه الانترنت في العالم العربي من خلال التضاعف اللافت في أعداد المواقع الالكترونية العربية، والانخفاض الهائل في أسعار الاشتراك بالأنترنت، وظهور بوابات انترنت عربية تماثل – إلى حد ما- البوابات الغربية، والازدهار في منتديات الويب العربية، وظهور مواقع التجارة الالكترونية العربية وغير ذلك.


الاعلام العربي التحديات المعاصرة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع