عمق الانتماء ودوره في تشكيل الهوية
م.نوره الخضير | Noura alkhader
26/12/2024 القراءات: 47
يُعتبر الانتماء أحد أركان الهوية الإنسانية، فهو الخيط الذي يربط الفرد بمجتمعه، بثقافته، وبأصوله، إنه الشعور العميق بالارتباط بمجموعة ما، سواءً كانت عائلة، قبيلة، أو وطن.
فالإنسان بطبيعته كائن اجتماعي، والشعور بالانتماء يعتبر من أهم العوامل التي تساهم في تحقيق السعادة والرضا النفسي،
فعندما يشعر الإنسان بالانتماء، فإنه يشعر بالأمان والقوة، ويصبح أكثر قدرة على مواجهة تحديات الحياة.
وعلى الرغم من أهمية الانتماء، إلا أنه يواجه العديد من التحديات والعقبات في عالم اليوم، فالعولمة والتغيرات السريعة في المجتمعات تجعل من الصعب الحفاظ على الهوية الثقافية، وتؤدي إلى صراعات بين الانتماءات المختلفة.
كما أن الهجرة والنزوح القسري يدفعان الكثير من الناس إلى فقدان شعورهم بالانتماء إلى مكان آخر، فقد يضطر الإنسان إلى البحث عن أسباب الانتماء إلى مجتمعات لا تشبهه في شيء ولا تمثله في الثقافة أو الدين أو القناعات، لا لشيء إلا ليستطيع أن يكمل مفردات حياته، ويبني قصة النجاح التي يتمناها.
لكن.. ما أقسى أن يعيش المرء في وطن لا يحس بالانتماء الحقيقي له، لا يشعر فيه بأنه قادرٌ أن يشكل في لوحته مساحة ملموسة، لا يشعر فيه بأن لوجوده قيمةً تُلاحظ.
يقول آلان دو بوتون في كتابه قلق السعي إلى المكانة "لا يوجد عقوبة أقسى على الإنسان من أن يشعر نفسه غير ملاحظ"
ولو أجيز لي أن أشخص حالة الانتماء الحقيقية للوطن منذ أشهر معدودة، ربما عجزت عن ذلك، لأن الانتماء في البداية إحساس وفي النهاية إحساس أيضاً.
أما اليوم في سوريا يحس السوري أنه التراب والمطر والجبال والسهول والهواء، والسماء التي أصبحت أجمل، ولا أدري هل كانت جميلة في السنين العجاف ولم أتحسس جمالها، أم أنها اليوم بحلةٍ مختلفة، لم يعد الانتماء للوطن ككل بقدر ما هو انتماءٌ للتفاصيل التي يشعر كل سوري أنها ملكه اليوم وفي رعايته الشخصية.
الانتماء اليوم عيون تدمع عند سماع كلمة وطن، الانتماء اليوم بوصلة تُوجه إلى المستقبل الذي أطلق كل عصافيره من أقفاصها، الانتماء اليوم طاقة دافعة لا حدود لقدراتها، الانتماء اليوم حملٌ ثقيل لكن الجميع مستعد لحمله مع ابتسامة حقيقية،
الانتماء اليوم هوية تتشكل من جديد، هوية تصنعها الأيدي والقلوب التي لم تجتمع لأمة إلا وكتبت قصة نجاح وطموح لا ينتهي بإذن الله.
الهوية- الانتماء-السوري
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
استعن بالله و لا تعجز.