مدونة محمد كريم الساعدي


الإرهاب والاستبعاد الثقافي وصور المقدس

أ.د محمد كريم الساعدي | Mohamad kareem Alsaadi


15/09/2021 القراءات: 4000  


الإرهاب والاستبعاد الثقافي وصور المقدس
الاستاذ الدكتور محمد كريم الساعدي
إنّ نظرة (هيغل) عن الشرق هي نفسها النظرة الى الاسلام وباعتبار الاسلام هو الامتداد التاريخي والطبيعي للشرق ، لذلك فأن (الروح المطلقة ) لديه والتي تعد الفكرة المركزية في فلسفته ، قامت بمراحل تطورها التاريخي ابتداءً من العالم الشرقي ، و العالمين الاغريقي والروماني وصولاً الى العالم الجرماني ، و الذي تطورت فيه الى درجة النضوج الانساني المتكامل وفي هذا المسار التطوري للروح المطلقة ، أخرج (هيغل) الاسلام من دائرة التطور والانسانية التي تقوم على الجانب العقلي في نظامه الفلسفي، وهذا يأتي من أنّ الاسلام ونظامه العقدي والروحي استبعد الاهتمام بالعالم الانساني ، وهذا هو السبب الذي جعل المزاج الاسلامي يتأرجح مثل بندول بين الحماسة المتطرفة واليأس المطلق ، من حد اقصى الى أخر ، وبسبب من هذه الحدود القصوى انطوت الحضارة الاسلامية على نوع من التدمير الذاتي ، والوقوف على حافة الخروج من التاريخ لا شيء لدى الاسلام يقدمه الأن سوى التطرف ، والاستماع الجنسي ، والطغيان ، وهذه المرتكزات الثلاثة هي ما تكررت عند أغلب المفكرين ورجال الدين الغربيين وخصوصاً قضية الاستمتاع الجنسي والشهوانية المرافقة للمسلمين ورسوله محمد(ص) ، حسب وجهة النظر الغربية ، وطغيان الدولة و توسعها على حساب الامم الاخرى بالتطرف والارهاب و قوة السيف ، وكأن الاسلام امة متوحشة يصورها الفكر الغربي و يسوقها على مدار الاجيال الى العالم اجمع ، ويركز (هيغل) في رؤيته الفلسفية على إنّ الشرقيين ومن ضمنهم المسلمين ذات النزعة الشهوانية هم ليسوا أحراراً، أي أنهم لم يعرفوا الحرية بكافة أشكالها ، فأنهم لم يكونوا احراراً، و كل ما عرفوه هو ان شخصاً معيناً هو حرٌ ، ولكن على هذا الاعتبار نفسه، فأن حرية ذلك الشخص الواحد لم تكن سوى نزوة شخصية و شراسه ، وانفعال متهور وحشي ،أو ترويضي واعتدال للرغبات ، لا يكون هو ذاته سوى عرض من أعراض الطبيعة ، أي مجرد نزوة كالنزوة السابقة ، ومن ثم هذا الشخص الواحد ليس الا طاغية ، لا انساناً حراً ، ولم يظهر الوعي بالحرية، وهذه التصورات هي مطابقة في الرؤية للإسلام ولرسوله(ص) هذه الأمة التي لا يعتبرها امة حرة ، بل هم عبيد يوجههم شخصية واحدة لديها نزوات شخصية وشراسة ، وهي ما تنطبق على تصوراتهم الفكرية في الغرب عن الرسول محمد (ص) ،علماً إنّ (هيغل) جعل الاسلام هو الامتداد التاريخي والطبيعي للعالم الشرقي.
وفي انتقاله اخرى الى مفكر أخر وهو المؤرخ والفيلسوف الفرنسي (أرنست رينان 1823-1892) ، وكانت محاولاته في وصف الاسلام ورسوله ، وكذلك عمل على ارجاع التفوق الى العالم الغربي من خلال الصراع الحضاري بين الشعوب السامية التي يرجع لها الاسلام والشعوب والآرية التي يرجع لها بعض الاقوام الاوربية المتفوقة عرقياً ،ورأى (رينان) في المحاضرة ، التي القاها عن (الاسلام والعلم) ، التي يستمد فيها أفكاره من (فولتير) ، إذ يقول: أنّ العقل الشرقي غير قادر على التفكير المنطقي والفلسفة ، وكان ذلك سبباً في الوقوف من دون تطور العلم والمعرفة في العالم الاسلامي. كان العلم القليل والفلسفة اللذان جاء بهما المسلمون نتاجاً لثورة على الاسلام، والذي هو - على وفق رأي (ارنست رينان)- دين بعيد عن التفكير والابداع التي أصبح من سمات الأمم المتقدمة ، لكن الإسلام أسهم في جعل الشعوب التي دخلت تحت رايته من العيش في التخلف و انحدار نحو الهاوية ، والجهل والابتعاد عن المعرفة و التقدم ، والإسلام على وفق تعاليم الرسول (ص) لا يتناسب مع المعرفة والعلم والتطور ، بل هو دين استند الى تعاليم دينية ابعدته كل البعد عن حقيقة التقدم ، لهذا السبب يرى (رينان) أنّ المسلمين هم أول ضحايا الاسلام ، تحرير المسلم من دينه هي افضل خدمة يمكن للمرء أنّ يقدمها له، وهذه الخدمة هي إبعاد المسلمين عن حضارتهم وديانتهم وانتمائهم لنبيهم . وهنا نسأل (أرنست رينان) هل هذه الاطروحة التي تقول بها معتمدة على دراسة الاسلام بشكل صحيح ،ومن داخل المنظومة الاسلامية نفسها ؟ ، اي هل اطلع (رينان) عل (القران الكريم) ودرسه بشكل علمي سليم ، دون أنّ يعتمد على اراء الاخرين فيه؟ و هل درس حياة الرسول الكريم (ص) من نفس مصادر المسلمين انفسهم ؟ أم تأثير بأقوال الآخرين ، كما هو تأثيره برأي (فولتير) ،أو غيره من المنظومة المعرفية الغربية التي وضعته بالضد من الإسلام ورسوله الكريم (ص)؟ ، هذه التساؤلات و غيرها عادة ما تكون بعيدة عن المفكرين الغربيين ، فهم فقط يدرسون الإسلام وحياة الرسول من خارج الاسلام متأثرين بآراء بعيدة عن الاسلام نفسه ، لذلك كانت نظرة (ارنست رينان) عن الرسول محمد (ص) تناقض الحقيقة وبعيدة عن صفات الرسول (ص)، اذ يرى (رينان) في الرسول محمد (ص) تناقض الحقيقة و بعيدة عن صفات الرسول محمد(ص) ، اذ يرى (رينان ) في الرسول وحسب رأي نسبه الى المسلمين بأنهم اعترفوا أنّ الرسول في مناسبات عدة كان اكثر استجابة لرغباته منه الى واجبه ، رينان الذي نظر الى القران الكريم كثورة ادبية بقدر ما هو ثورة دينية ، خلص الى أنّ الحركة الاسلامية حصلت دون إيمان ديني ، وأنّ النبي لم يقنع سوى أناس قليلين في الجزيرة العربية، يقول رينان (ايضا) : كل أنسان يتمتع بالحد الأدنى من الاطلاع على شؤون العصر يرى بوضوح الدونية الحالية للبلدان الاسلامية و الانحطاط الذي يميز الدول التي يحكمها الاسلام و البؤس الفكري للأعراق التي لا تقتبس ثقافتها و تعليمها الا من هذه الديانة.


الفلسفة ، الفنون ، الآداب ، الثقافة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع