مدونة د. محمد فيصل باحميش


تربية الأبناء بين مطرقة الرحمة وسندان القسوة.د.محمد باحميش

الدكتور محمد فيصل باحميش | Dr.mohammed faisal bahamish


25/01/2022 القراءات: 2067  


*🏮تربية الأبناء بين مطرقة الرحمة وسندان القسوة !!:*
*بقلم✍️د.محمد فيصل باحميش*

ينظر الآباء إلى مشروع التقييم السلوكي لأفعال الأبناء من زوايا متباينة وذلك تبعاً للخلفية العلمية والتمكين النفسي، ومشاهد التنشئة الاجتماعية التي مورست ضده، فيظل البعض خلف قضبان تلك الأساليب العتيقة والتي عفا عليها دهر الانفتاح على سياسات الغير التربوية، وبعضهم يعلن التمرد على تلك الأساليب ويتوقف عن استجرار أدوات التقييم غير المنضبطة والتي لم تنظر إلى الخصائص النفسية وطبيعة النمو الفسيولوجي لمن خرج عن أطر اللياقة الأخلاقية؛ ولهذا دعنا أيها الأب الرائع نستقل قارب التوجيه ونبحر في لجج الأساليب التربوية التي تنزع عن ولدك قشور التعلق السلبي به وإعلان التحول عبر وسائل الإقلاع السرمدي.

في حين ينظر الفريق الأول من عدسة الرحمة، ويطهر قاموسه التربوي من مفردات الغلظة والشدة، ويغلب مشاعر العطف والحنان الأبوي حتى لا تجرح كبرياء الطفل وتنكسر روحه المعنوية، فهو لا يضع أي أهمية لفداحة السلوك من عدمه فالأخطاء عنده تقاس بأدوات الرحمة، وتوضع على ميزان التحسس والتأثر النفسي؛ بحجة أن الوقت ما زال مبكراً وأن الولد لا يزال يتشبث بخيوط الطفولة، وأن الزمن هو مدرسة بحد ذاته سيتيح للولد التعلم من الأخطاء وإعادة سلوكه الذي جرح به وجه المجتمع الطاهر بمشرط التمرد إلى مسار الانضباط الأخلاقي والالتزام السلوكي.

في حين يشرق الفريق الآخر في فلك القسوة وينظر إلى السلوك الذي انحرف فيه الولد عن قبلة الانضباط القيمي من بوابة التعظيم غير المهني، ويفتح قواميس الردع الأخلاقي، فهو لا يصنف الأخطاء وإنما يجعل جميع الأخطاء في سلة الاشمئزاز والانقباض، ويتعامل بعقلية الغلظة لإعادة الولد إلى محاضن الاستقامة، فهو لا يكل ولا يمل من استخدام أساليب التقريع بأبعادها المختلفة، فتارة يستخدم ألفاظ التقييم النابية وجرح مشاعر الولد النفسية والتقليل من إنسانيته في الأوساط المجتمعية، وتارة يمسك بسياط التعنيف الجسدي وينزل بالولد أقسى العقوبات التي ترفضها قيم الإنسانية وتأباها لوائح التربية وينبذها العقل وجميع الأعراف والتقاليد التربوية.

وبين هذا وذاك نجد الفريق الأكثر عقلانية فهو لا يستسلم لفوران الانفعال غير المنضبط ويسقط روحه الإنسانية في شراك القسوة الهدَّامة، ولا يضع قلبه التربوي في مياه عدم الغيرة وينظر إلى السلوك بطرف اللامبالاة؛ وإنما يمسك عصا التقييم من الوسط فلا مساحة لمفردات الإفراط القاسية وعبارات التفريط اللينة في قاموسه التربوي فهو يتعامل مع طبيعة الأخطاء وأثرها على منظومة الأخلاق الشخصية والأمان السلوكي المجتمعي؛ فإذا رأى بأن ذلك السلوك يهدد المنظومة الأخلاقية للشخص والأمن الوجودي للمجتمع؛ فإن ذلك الأب ينتفض كعصفور بلله الماء وينتصر لثقافة الأمن السلوكي فيمسك عصا التأنيب الجسدي، وسوط التعنيف اللفظي ليعيد مسار الولد إلى مربع الانضباط حتى لا تشتاق روحه مرة أخرى لمعاقرة ذلك السلوك الدخيل على بروتوكول الانضباط المجتمعي.

وأما إذا وجد بأن ذلك السلوك لا يصنف في خانة الأخطر وأن الرغبة العابرة هي من قادت الولد ليسقط في مستنقع ذلك السلوك الآثم وأنه بمجرد أن يلعق من صبر ذلك السلوك ستأباه نفسه وتنبذه روحه، وأن ذلك السلوك لا يشكل خطراً على العمق الأخلاقي للمجتمع؛ فإن ذلك التربوي يتعامل مع السلوك بروية فلا ينفعل وإنما يغلب أساليب الوعظ الناعم والرزانة التربوية في تقدير الخطأ، ويداعب روح الولد التي تلوثت بشوائب ذلك السلوك بمفردات الوعظ الناعم، وقبل هذا وذاك يمنح الولد الفرصة لمراجعة إحداثياته السلوكية وضبط بوصلته القيمية باتجاه قبلة الصلاح الشخصي والمجتمعي.

*للاشتراك في قناة الدكتور محمد باحميش قم بالضغط على الرابط التالي:*
https://telegram.me/drmfmb


تربية الأبناء


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع