الدكتور: سفيان خلوفي


لغة النباتات وأسرارها: بين الاكتشاف العلمي والعقيدة الإسلامية

سفيان خلوفي | soufyane kheloufi


25/12/2024 القراءات: 45  


تطرح الاكتشافات الحديثة حول تواصل النباتات تساؤلات عميقة حول خلق الله وقدرته في تنظيم الكون بأدق تفاصيله. هذه اللغة "الصامتة" التي بدأت العلوم بالكشف عنها تتسق مع الإشارات القرآنية التي تلفت النظر إلى عظمة خلق الله، حتى في أبسط الكائنات التي قد نظنها صامتة أو عديمة الحياة.

في العقيدة الإسلامية، جميع المخلوقات تسبح بحمد الله، وإن كنا لا نفقه تسبيحها. يقول الله تعالى:

"تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ"
(سورة الإسراء: 44).

الاكتشافات التي تشير إلى أن النباتات تتواصل فيما بينها بإشارات كيميائية أو ذبذبات فوق صوتية يمكن أن تكون جزءًا من هذا التسبيح، وهو رسالة عظيمة لتذكيرنا بأن كل شيء في هذا الكون له دور في تمجيد الخالق.

التواصل بين النباتات عبر الجذور أو الإشارات الكيميائية يعكس نظامًا معقدًا ومنظّمًا يشهد على قدرة الله في خلقه. يقول الله تعالى:

"صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚ"
(سورة النمل: 88).

هذا الإتقان يظهر في تفاصيل دقيقة لم تكن معروفة لنا من قبل، مثل الشبكات الجذرية التي تربط النباتات أو طريقة استجابتها للتهديدات. كل هذه الأنظمة تنبئ بأن وراء هذا الإبداع خالق حكيم.

الإسلام يحث على التأمل في خلق الله كوسيلة لتعزيز الإيمان. يقول الله تعالى:

"إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ"
(سورة آل عمران: 190).

فهمنا الجديد لطبيعة النباتات وقدرتها على "التواصل" يمكن أن يكون مدخلاً للتأمل في عظمة الله، خاصة عندما ندرك أن هذه الكائنات البسيطة ليست صامتة، بل تؤدي دورها بتقدير الله وحكمته.

من خلال تواصلها، تسهم النباتات في التوازن البيئي، مثل تحذير النباتات المجاورة من الأخطار أو تحسين بيئة نموها. هذا يذكرنا برحمة الله الواسعة التي تتجلى حتى في أبسط المخلوقات. يقول الله تعالى:

"وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ"
(سورة الأعراف: 156).

في ضوء العقيدة الإسلامية، فهم لغة النباتات يضع مسؤولية أكبر على الإنسان لحماية هذا المخلوق الذي يعكس تسخير الله له لنا. الحفاظ على البيئة ورعاية النباتات ليست مجرد مسألة علمية، بل هي أيضًا أمر مرتبط بالأمانة التي حملها الإنسان. يقول الله تعالى:

"إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ"
(سورة الأحزاب: 72).

تعد لغة النباتات وإشاراتها العجيبة دعوة لفهم أعمق لعظمة الخالق وقدرته. ما يظهره العلم من عجائب الطبيعة ليس إلا جزءًا من آيات الله في الكون، يدعونا للتواضع والشكر.
فلنسأل أنفسنا: كيف نرعى هذا النظام الدقيق الذي جعله الله جزءًا من حياتنا؟ وهل نفي هذا المخلوق حقه في العبادة والتسخير؟


اغة نباتات، عقيدة اسلامية، علوم ، تواصل.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع