الدراسات البينية والمقاصد الشرعية
الأستاذ الدكتور ياسر طرشاني | Prof. Dr. Yasser Tarshany
24/04/2020 القراءات: 4959
الدراسات البينية هي نوع من العلوم الجديدة التي تنشأ من تداخل عدة حقول أكاديمية تخصصية نحتاجها لحل مشاكل عصرية. ونجد أن الشريعة الإسلامية حثت على التعاون فقال تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] وأخبرنا سبحانه وتعالى أننا مهما أوتينا من علم فهو قليل جدا قال تعالى: { وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا } [الإسراء: 85] ، ولذا ندعو الله دائما بطلب الزيادة في العلم { وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114] فمن الأمثلة العملية على الدراسات البينية هو علم مقاصد الشريعة الإسلامية فكما كان الإمام الشافعي مؤسسا لعلم أصول الفقه فق جاء الإمام الشاطبي ليؤسس لعلم مقاصد الشريعة الإسلامية وهو جاء من ترابط علم أصول الفقه وفروع الفقه الإسلامي والقواعد الفقهية مما أسس لعلم جديد، والآن ظهر اهتمام عالمي بدراسات علم مقاصد الشريعة الإسلامية وأقسام ومراكز متخصصة بتوفيق الله تعالى بعد أن كانت تذكر فقط في باب المصالح المرسلة أو القياس أو في مواضع متفرقة. ونلاحظ في مقاصد الشريعة الإسلامية علاقات بينية كثيرة مع التخصصات الأخرى ، ومنها أهمها التركيز على مقاصد هذه العلوم بما يحقق مقاصد الشارع. فمثلا مقصد حفظ الدين مرتبط بتخصصات القرآن الكريم والسنة النبوية والعقيدة والدعوة وغيرها. ومقصد حفظ النفس مرتبط بالتخصصات الطبية والإرشاد النفسي والعلوم الزراعية وعلم الأحياء وعلم الأرصاد الجوية علم الوراثة وعلوم البيئة وغيرها. ومقصد حفظ المال مرتبط بالتخصصات المالية والإدارية والتكنولوجيا الحديثة والاقتصاد وغيرها. ومقصد حفظ العقل مرتبط بالتخصصات التعليمية والقياس والتقويم التربوي ومناهج وطرق التدريس وغيرها. ومقصد حفظ النسل مرتبط بالتخصصات التربوية والاجتماعية والأسرية وغيرها. مع العلم أن المقصد العام مرتبط بالمقاصد الأخرى فمثلا في فروع التكنولوجيا نجد تكنولوجيا الأشعة، تكنولوجيا طب الأسنان، التكنولوجيا الحيويـة، تكنولوجيا الطب النووي، تكنولوجيا المعلومات، وتكنولوجيا التغذية ، وهي مرتبطة بتحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية وهذه العلوم مترابطة تخرج منها دراسات بينية تخدم البشرية وتحتاج لتعاون المتخصصين في هذه المجالات بما يساعد على حل المشاكل الحالية بالتخصصات المتعددة والدراسات البينية. فالتخصصات العلمية والدراسات البينية لم تنته بعد فالعلم بابه واسع، ولعل من يأتي بعلم جديد بالاجتهاد الجماعي ليخدم البشرية بحسن النية تكون صدقة جارية في ميزان حسناته يوم القيامة. ولذا أدعو لتعاون المتخصصين بما يحقق مقاصد العلوم والتركيز على الدراسات البينية لخدمة البشرية وحل المشاكل العصرية، فالاجتهاد الجماعي مقدم على الاجتهاد الفردي.
الدراسات البينية ، المقاصد الشرعية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع