مدونة د. عبدالكريم محمد حسين الروضي
كورونا ... والإدارة عن بعد، بقلم د.عبدالكريم محمد الروضي، الخميس 19 مارس 2020م
د. عبدالكريم محمد حسين الروضي | Dr. Abdulkarem Mohammed Hussein Al-Rawdhi
18/03/2020 القراءات: 2242
إحدى أقدم المقولات في مجال الأعمال هي "وَظِّف أشخاصاً بارعين، ثُمَّ دَعهم يقومون بعملهم" وفي هذه المقولة كمية كبيرة من الفوائد والحكم حيث تشير هذه المقولة إلى حسن اختيار الموظفين عند عملية التوظيف وكذا الاشارة إلى تدريبهم وتأهيليهم ثم تفويضهم بما يمتلكون من مهارات للقيام بأعمال وترك مساحة من الحرية للإبداع والتفكير في العمل دون حصر الأعمال والأنشطة من قبل المدير على مجموعة محددة من الأنشطة التنفيذية يقوم برسمها المدير ويبقى الموظفين فقط كآلة للتنفيذ ومن هنا يأتي دور المدير كمخطط ومراقب ومقيّم وبالنظر إلى عالم الأعمال والشركات نجد أنه مر بتغييرات واضحة خلال العقد الماضي إذ أصبحت المؤسسات والمنظمات ذات صبغة عالمية أكثر وأصبح لزاماً عليها اختيار العاملين بشكل أكثر مهنية وتخصصية ومهارة ناهيك عن وجود زيادة في التعامل مع التكنولوجيا لدرجة أن بعض المنظمات لم تستطع مواكبة التكنولوجيا والسيطرة عليها والاستفادة منها في تطوير أعمالها وأساليب إدارتها حيث لا زال كثير من المدراء والقائمين على المنظمات يمارسون الإدارة المباشرة واللصيقة بالموظفين في كل حالات العمل بل والبعض يدخل حتى في تفاصيل أعمال الإدارة التنفيذية ونسوا أو جهلوا أن هناك نوع من الإدارة وهو الإدارة عن بعد يمكن أن يمارس فيه كثير من الأعمال داخل منظماتهم ولله در القائل (رب ضارةٍ نافعة) فعلى الرغم مما أصاب العالم من إشكالات بخصوص وباء كورونا (COVID-19) وتعطل الحضور لمقر العمل لكثير من المنظمات حول العالم ظهرت الشركات التي لديها خطط بديلة ولديها إدارة للأزمات وبرزت هناك الاستخدام للأساليب الأخرى في الإدارة ومنها الإدارة عند بعد ولكن في المقابل ظهر هناك الضعف الشديد لدى كثير من المؤسسات أيضاً في عدم استعدادها وضعف قدرتها على إدارة نفسها بالطرق الحديثة ويرجع ذلك إلى مجموعة من الأسباب :
- عجز المدراء والقادة عن مواكبة العصر في التعلم والتدريب والحصو ل على أرقى وأحدث التدريبات في أنواع ونظريات الإدارة مع وضع الكثير من المنظمات لموزانات مخصصة لعملية التطوير والتدريب .
- عجز المنظومة الإدارية عن الوصول إلى حلول سريعة لحل الأزمات والمشكلات التي قد تواجهة هذه االمنظمات فتلاحظ عدم وجود فريق عمل يستطيع إدارة الأزمة وليس لديها أي سيناريوها لهذه الأمور.
- ضعف المنظومة التكنولوجية داخل هذه المنظمات وعدم تحديثها والاهتمام بتطويرها حسب المعطيات العالمية الأخيرة.
وأياً كانت المبررات فقد وجدنا العجز ظاهراً أمام العالم لهذه المنظمات ولم تنجح في الاستمرار في العطاء وتقديم السلع أو الخدمات إلا تلك التي لديها اهتمام بوسائل ونظريات الإدارة .
الإدارة عن بُعد مهمة مركَّبة وطويلة المدى، وتتطلب من القدرات الإدارية أكثر بكثير مما يتطلبه الأسلوب القديم. إذ تقع على كاهل المدير مهمة خلق بيئة عمل جديدة، تتميز بتحقيق توازن دقيق بين تحديد الأطر والمعايير بدقة لا تقبل التهاون، وترك المساحات داخل هذه الأطر حرة للتصرف والقرار، ومفتوحة للمشاركة والرأي والمبادرة.
ولهذا أصبح من المهم أن نتعرف على الأدوات والطرق اللازمة لإدارة الموظفين عن بعد وإحداث مثل هذا التغيير، والوصول مع تطبيقه، إلى مستويات جديدة من الفاعلية والكفاءة في أداء الموظفين، وأداء المؤسسة ككل:
- اختيار الأشخاص المناسبين للعمل ووضع كل منهم في اختصاصة ومكانه المناسب : وغالباً ما تتبع المنظمات أسلوباً خاطئاً في تصورها لمسألة الإنظباط في بيئة العمل فهي تفترض أن الموظفين يحتاجون دائماً إلى اتباع سياسات معقدة كي يظل منضبطاً في عملة ويقوم بعمله على أكمل وجه وانهم يحتاجون إلى مزيد من الصرامة في التعامل، وأساس المشكلة أن المدير قد قام بتعيين الأشخاص الغير مناسبين في كفائاتهم العلمية في أماكنهم السليمة .
- الوضوح في المهام وعدم التعقيد: إن دور المدير أن يصل بتلك الأهداف المجملة والاستراتيجية إلى رؤية واضحة جداً ومباشرة جداً وينقلها إلى كل الموظفين بالمؤسسة بحيث يعرف الموظف ماذا يفعل بالضبط وما هي أولويات عمله وماذا يفعل كل صباح في عمله .
- دعم التعلم والنظرة الإيجابية للأخطاء: هناك ارتباط وثيق بين منحنى التعلم للموظفين وبين تحسن وتطور الأداء والعمل ولذا فإن على المدير في الإدارة عن بعد مراجعة كافة قدرات ومهارات العاملين وهل لديهم ما يدعم أعمالهم وتحسينها ومن ثم البحث عن الطرق للرفع من النقاط الإيجابية والحد من النقاط السلبية .
- البقاء على تواصل مستمر بأعضاء الفريق: أحد اشكالات العمل عن بعد هو الشعور بالعزلة وعدم الاتصال مع الإدارة لذلك فإن الإدارة عند بعد تحتاج إلى التواصل الدائم وجعل الموظفين لا يشعرون بغياب المدير بل والسؤال الدائم ليس عن أعمالهم اليومية فقط بل السؤال حتى عن أحوالهم وحياتهم الاجتماعية.
- إعقد لقائات فردية وجماعية بشكل منتظم عن طريق وسائل الاتصال الحديثة مثل مكالمات الفيديو الفردية والجماعية وغيرها من وسائل التواصل الالكترونية كذا اللقاء وجهاً لوجهة لمرات معينة في الشهر إذا كان جميع الأعضاء متواجدين في نفس المنطقة لتقوية العلاقات.
- شجع الأحاديث غير الرسمية: فالإنسان اجتماعي بطبعه ويحب السؤال عنه وملامسة حياته لبناء علاقات قوية قائمة على الثقة والتعاون .
- انتبه لفارق التوقيت وخذه على محمل الجد: فإذا كان لديك فرق عمل في دول مختلفة ويوجد فارق في التوقيت فيجب الانتباه لها .
- حافظ على العلاقات بين أعضاء الفريق القدامى والجدد: فلا تكسر علاقات الموظفين مع زملائهم القدامى وحاول قدر الإمكان الاستفادة منهم .
أخيراً إن اتباعة لأسلوب الإدارة عن بعد لا يجعلك مديراً عصرياً فقط بل يمنحك الإيمان بفريقك وقدراتهم ويجعل منك مديراً ذكياً يستطيع إدارة وتوجيه المنظمة حسب أهدافها .
كورونا، الإدارة عن بعد، الإدارة الحديثة، عبدالكريم الروضي
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة