الهرم المزعوم للملك تهارقا بصادنقل
د. الأمين عثمان شعيب | Dr. Alamin Osman Shuieb
25/03/2022 القراءات: 1387
*الهـــــرم المزعوم للملك تهارقو بصادنقا*
*د. الأمين عثمان شعيب*
*أستاذ التاريخ القديم بجامعة دنقلا*
Email: [email protected]
قام عالم الآثار الأمريكي جورج أندرو رايزنر وبمساعدة دوس دنهام بالحفر في جبانة نوري في 26 أكتوبر 1916م وبدأ العمل بتنظيف الناحية الجنوبية الشرقية في الهرم الكبير، وقد أعطاه رايزنر الرقم (Nu.1). كان الرديم كثيفاً يتكون من الرمال وكسارة الحجارة الساقطة من جسم الهرم. تمت نظافة الرديم، وكانت مقصورة الهرم في حالة سيئة من الحفظ، وتمَّ الوصول إلى بداية الدرج الهابط الذي يؤدي إلى غرف الدفن أسفل الهرم، وبدأ الحفر فيه، حيث عثر في رديم هذا الدرج على كسارة من الحجر عليها نقش يحمل اسم الملك تهارقو، ومنذ تلك اللحظة عرف هذا الهرم أنه هرم أحد ملوك الأسرة الخامسة والعشرين التي حكمت مصر والسودان، وكانت أعمال نظافة الدرج الهابط في غاية الصعوبة نسبة للخطورة التي سببتها عوامل الطبيعة(Reisner. G.A., 1918 P.70).
المدفن (W.T.1) في صادنقا:
تبلغ قاعدة الهرم (W.T.1) المنسوب لتهارقو في صادنقا 9.50 متراً مربعاً. بُني هذا الهرم من حجر الشيست ذي اللون الأسود وحُشي بالخرصانة وطليت واجهته باللون الأحمر. كان الجزء المتبقي من الهرم وقت الاكتشاف يرتفع لـ1.7 متراً. هنالك سور من الحجر الأسود يحيط بالهرم من ثلاثة جوانب، ويوجد فناء مستطيل ملتصق بالواجهة الشرقية تبلغ أبعاده 11×5 متراً، يشتمل هذا المبنى على مدخل في هيئة صرح من الحجر الرملي(Giorgini.., 1965 : P.129.).
تتكون المقبرة التي تم قطعها بعناية في باطن الصخر من غرفة صغيرة في المقدمة أبعادها 2.30×2.33 متراً، ذات سقف مقبب مطلي باللون الأحمر، وإلى الغرب منها توجد غرفة الدفن، وهي أيضاً ذات سقف مقبب تبلغ أبعادها 2.25×3.25 متراً، وعثر في منتصف غرفة الدفن على المكان المخصص لوضع التابوت وهو مقطوع في الصخر، وتحوي أرضيته قطعاً من الحجر الأسود، أما ما تبقى من أرضية تلك الغرفة فكان مغطى بطبقة من الرمل المخلوط بالرديم، وفيها وجدت بعض رقائق الذهب والعظام المبعثرة، وفوق هذه الطبقة وجدت طبقة أخرى من الرمل ربما كانت من صنع الرياح التي دخلت عبر فتحة فتحها اللصوص فوق المدخل(Dunham. D., 1955; vol.2: p. 13).
تذكر ميشلا جورجيني أن العظام التي عثر عليها في القبر (W.T.1) تنتمي لهيكل عظمي واحد، وذكرت منذ الوهلة الأولى أن مقبرة نوري (Nu.1) تعتبر مدفناً تذكارياً لأوزوريس وليس مكاناً لدفن الملك تهارقو. أما لكلان الذي كان مشاركاً في تلك الحفريات فلم يقطع بأن القبر للملك تهارقو، وذهب للقول باحتمال كونه مدفناً لذلك الملك، أو أن أحجاراً تحمل اسم تهارقو أعيد استخدامها فيه، وبذلك يصير قبراً لشخص خلاف تهارقو(Leclant. J., 1984 : p114).
ويذكر آدمز مؤكداً أن الهرم (W.T.1) لا يليق بشخصية أكبر البناة في السودان القديم، ويتناقض تناقضاً صريحاً مع هرمه في نوري وكل صروحه المعروفة الأخرى، أضف إلى ذلك أنه – أي قبر صادنقا – واحد من مجموعة صغيرة جداً من القبور يعود معظمها للفترة المروية(آدمز، 2005م، 268-270).
يرى الحاكم أن هذا القبر (W.T.1) ربما كان لإحدى زوجات تهارقو أو أحد أبنائه، تم دفنها أو دفنه بالقرب من مركز ديني رئيس هناك، وأنَّ اللوحات الحجرية التي عثر عليها كانت تحمل تصوير الملك تهارقو قد أخذت من مبنى شيَّده تهارقو في مكان قريب من المكان الذي شيد فيه القبر (Hakem. A.M.A., 1988 : P.282-283.).
مما سبق يتضح لنا أن الملك تهارقو دفن في مقبرة نوري؛ لأن هرمه الكائن بها من أكبر الأهرامات في البلاد، فيتميز بمعماره الجيد، إضافة لاحتشاده بعدد كبير من الأوشابتي يصل إلى حوالي الألف ونيف تمثال مجاوب، هذا إضافة إلى وجود آنية حفظ الأحشاء (الجرار الكانوبية) ويمثل كل ما سبق إشارات لوجود جسد محنَّط في ذلك الهرم.
هرم الملك تهارقا
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع