الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على خاتم النبيين, وعلى آله وصحبه أجمعين, وبعد.
فإنّ من تيسير الله على عباده, أن جعل لهم في دينهم كثيرًا من اليُسر والرّخص التي تدل على سماحة هذا الدين، فقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، كما أنزل كتابه العزيز؛ لتحقيق السعادة للبشرية جمعاء، ورفع الحرج عن الناس، فقد قال تعالى: (يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ).
ولمّا كانت الأجواء الباردة في الشتاء قد تكون داعيًا للبعض إلى التساهل في العبادات، يسّر الله تعالى لعباده كثيراً من الرخص؛ حتى يتمكَّن المكلفون من أداء عبادته فيه بيسر, ولذا كان السلف الصالح يعدّون الشتاء ربيع المؤمن؛ "لأنّه يرتع فيه في ببساتين الطاعات، ويسرح في ميادين العبادات، وينزّه قلبه في رياض الأعمال الميسّرة فيه, كما ترتع البهائم في مرعى الربيع فتسمن وتصلح أجسادها, فكذلك يصلح دين المؤمن في الشتاء بما يسّر الله فيه من الطاعات".