مدونة الباحث/محمد محمد محمود إبراهيم
الفرق بين اسمي النبي صلى الله عليه وسلم "أحمد ومحمد" في اللغة العربية والقرآن الكريم !؟
باحث /محمد محمد محمود إبراهيم | MOHAMED MOHAMED MAHMOUD IBRAHIM
12/12/2022 القراءات: 10407
الفرق بين اسمي النبي صلى الله عليه وسلم "أحمد ومحمد" في اللغة العربية والقرآن الكريم ولماذا سمي بهما...!؟
ــــــــــــــــــــــــــ
بعد التوكّل على الله أقول: أبدأ بالفرق اللغوي بينهما
*أولا: مادتهما اللغوية، والفرق بين معناهما:
1ــ المادة اللغوية واشتقاقهما: الاسمان مشتقان من مادة واحدة، وهي "الحمد"، ويشتركان في صفتهما، وجذرهما:
أ ــ "أحمد ": هو اسم عربي مذكر جاء على صيغة أفعل التفضيل وليس من فعل، وهو مشتق من الحمد، وجذره "حَمِدَ"، وهو" يَحمَد ، حَمْدًا، فهو حامد"، ويعني أكثر حمدا، ويشير إلى أن صاحبه كثير الحمد والشكر والثناء على الله عزّ وجلّ.
ب ــ مُحمَّد: هو اسم علم مذكر عربي، جاء على وزن اسم مفعول، ووزنه "مُفَعَّل" مشتقّ من الفعل "حُمِّدَ" الذي يفيدُ المبالغة في معنى الحَمْد. ومعناه أنه يُحمدَ مرة بعد مرة.
2 ــ الفرق بين معنى الاسمين:
أــ اسم "أحمد": هو اسم الذات التي وقع منها الحمد كثيرا على غيرها، وهو مبالغة "حامد"، وبلغت تلك الذات الغاية في كلّ صفة حميدة، كالكرم، والشجاعة وخصلة الخير على وجه الانفراد.
ب ــ اسم " محمد ":هو اسم الذات التي وقع عليها الحمد كثيرًا من غيرها، وهو مبالغة في "محمود" بحيث جمعت الفضائل، والصفات الطيبة والحسنة المحمودة.
**ثانيا: الفرق بين الاسمين في القرآن الكريم والسنّة النبوية: ذكر الإمام ابن القيّم ـ رحمه الله ـ أنّ أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم ليست أعلامًا محضةً مجردة لمجرد التعريف، بل هي مشتقة من صفات قائمة به، توجب له المدح والكمال. ومن أبرز هذه الأسماء وأشهرها "أحمد ومحمد" ــ صلى الله عليه وسلم ــ وقد ذكرا:
1 ــ ذكر الاسمين في القرآن والسنّة:
أ ــ ذكرهما في القرآن: ذكرا بلفظ صريح في مُجمل آيات القرآن الكريم، فذكر "أحمد "مرة واحدة، وذكر "محمد" أربع مرات، وسميت السورة رقم (47) في القرآن باسم سورة محمد، وذكر ضمنيًا مرات كثيرة بألفاظ أخرى، نحو: الرسول والنبي والأمي...
ب ــ ذكرهما في السنّة: ذكرا في أحاديثه صلى الله عليه وسلم كثيرًا ولكننا نكتفي هاهنا بذكر حديث واحد صحيح قال فيه صلى الله عليه وسلم :" إِنَّ لِي أَسْمَاءً: أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمَيَّ ، وَأَنَا الْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ أَحَدٌ" متفق عليه.
2 ــ الفرق بين الاسمين وتفاصيل ذلك:
*الاسم الأول: "أحمد": فقد ذكر قبل مبعثه بهذا الاسم في التوراة والإنجيل كما ورد في القرآن على لسان سيدنا عيسى ــ عليه السلام ــ فقال: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ)الصف:6. وفي هذه الآية الكريمة خصّه تعالى باسم "أحمد" لمعجزة وللدلالات الآتية:
أ ــ اسم "أحمد": هو اسم علم منقول من صفة لا من فعل، وتلك الصفة هي صيغة أفعل التفضيل في الحمد مبالغة في كونه هو "الحامد" لغيره فوقع الحمد منه كثيرًا، فهو أحمدُ الحامدين لربّهم، وحمده فيه زيادة في الكيفية، في دنياه وفي الشفاعة يكون أحمد الناس لربّهم ثم يشفع فيحمد على شفاعته. وقد ذكره الله بهذا الاسم على لسان سيدنا عيسى ــ عليه السلام ــ لبيّن لقومه وللناس جميعًا أنّ محمدًا صلى الله عليه وسلم هو أحمد الناس لله لذلك سمي "أحمد".
ب ــ تسمية "أحمد" فيها تشريف وتكريم من وجوه: فالله سبحانه سمّاه به أولّ مرة قبل أن يخلقه، وهذا غاية التكريم والتشريف له من ربّه، كما أنَّ إرادة الله اقتضت ألّا يشاركه في هذه التسمية أحد من مخلوقاته لا ملَك مقرّب ولا نبيّ مرسل، فضلاً عن عامة الخلق، وقال القاضي عياض: "... أمّا (أحمد) الذي أتى في الكتب وبشَّرت به الأنبياء؛ فمنع الله تعالى بحكمته أن يُسمى به أحد غيره قبل بعثته، ولا يُدعى به مدعوّ قبله؛ حتى لا يدخل لبس على ضعيف القلب أو شكّ ". وقدّم تعالى اسمه "أحمد" على غيره من الأسماء، لأنّ حمده صلى الله عليه وسلم لربّه كان قبل حمد الناس له، فنبأه وشرّفه.
ج ــ دلالته على أنّه ليس موجودًا بعد: فدلّ " أحمد" على أنّه لم يكن موجودًا، ولم يبعث بعد أثناء نزول الآية التي بشرّت به، بل سيأتي فيما بعد، فارتباط اسم "أحمد" بقوله:(بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي)، حقّق الغاية المطلوبة من جهة: أنّه غير موجود ولا مخلوق عند نزول الآية، وإنّما سيبعث في المستقبل المحدد بعد سيدنا عيسى ــ عليه السلام ــ ومن جهة أخرى: حقق غاية الحمد في معناه من الصورة التي رسمتها الآية في سياق عباراتها التي توحي بأنّ سيدنا عيسى ــ عليه السلام ــ كأنّه يقول: إنّه "أحمد منّي".
الفرق بين اسمي النبي صلى الله عليه وسلم "أحمد ومحمد" في اللغة العربية والقرآن الكريم !؟
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة