التعليم وصناعة السلام ..قراءة في الحالة اليمنية
أحمد عبده علي البحيري | Ahmed Abdo Ali Al-Baheri
15/07/2020 القراءات: 2500
التعليم وصناعة السلام
احمد البحيري
-------------------------------------------
تتمثل الفكرة التي يدور حولها هذا المقال بأن الصراعات والحروب الداخلية التي شهدتها ، و تشهدها اليمن تعزى بالأساس الى العنف البنيوي/ المركب الناتج عن الجهل ، والفقر والاستغلال الاقتصادي، و الاستبعاد السياسي ، والتمييز الاجتماعي. و هذا بالمجمل يرجع الى الفشل في التعليم .وبالتالي فان اي حلول للحروب و الصراعات الداخلية لا تتأتى من خلال التعليم لن تفضي الا الى مزيد من الحروب والصراعات .لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الدور الذي يلعبه التعليم لتجفيف منابع العنف ؟
فعلى الرغم من التحديات والمخاطر التي تواجه قطاع التعليم في بلدنا بالوقت الحاضر ،الاّ أن الخدمات التي يقدمها يمكن ان تمثل الاداة الأقوى لتفكيك بنى وثقافات العنف اذا احسنا استغلالها بطريقة صحيحة .
يعود الاستثمار في التعليم على الاستقرار والسلام بأرباح هائلة. تظهر الدراسات أنه كلما زادت سنوات التعليم المدرسي التي يتلقاها المواطن العادي في دولة ما، فإن احتمال كون تلك الدولة فاشلة او تعاني من عنف في الوقت الحاضر يكون أقل. الانظمة الحاكمة التي تعتبر أقل عنفا في نظر مواطنيها تميل مع الزمن إلى تخصيص المزيد من موازناتها للتعليم مقارنة بتلك الانظمة القمعية التسلطية ، وبالتالي يمكن ملاحظة دور التعليم في الممارسة حيث يرتبط تراجع العنف مع مرور الزمن بزيادة الاستثمار في التعليم، ويؤدي تراجع العنف لاحقاً إلى زيادة في الاستثمار وفي التحسن الحاصل في جودة التعليم.وبرغم ان هناك جدال حول الآلية المحددة التي يقوم من خلالها التعليم بالحد من العنف، ولكن هناك اربعة عوامل معروفة تلعب دوراً مهماً :
أولا- يحد التعليم من العنف من خلال القضاء على الجهل والامية والتحرر من العادات والتقاليد الجامدة و العصبويات الضيقة ،والانصهار في هوية وطنية جامعة ، و اعطاء المواطنين من الأدوات والدوافع التي تجعلهم على اطلاع، ومعرفة بما يدور حولهم والتعامل معها بعقلية علمية وبطرق سلمية . كما يخلق التعليم سوقاً أوسع للإعلام الحر ، والذي يمثل أداة حيوية في رفع الوعي وتعزيز قيم المواطنة والمحبة والسلام . .
ثانياً :- يحد التعليم من العنف عندما يقود إلى خفض عدم المساواة الاقتصادية. عدم المساواة الاقتصادية تقود إلى العنف ،بينما يميل التعليم إلى المساواة في الوصول إلى الفرصة الاقتصادية. كما يعمل التعليم على صقل مهارات الافراد ،و تحسين فرص حصولهم على عمل ،ومردود مجزي على عملهم .
ثالثاً:-يبني التعليم ثقة اجتماعية تعزز ذاتها ومن المعروف أن هذه القوى المتعلمة بدورها تلعب دوراً مهماً ّ في الحد من دور القوى التقليدية التي تميل في الغالب الى ممارسة الظلم الاجتماعي والامتهان لكرامة الناس وممارسة انواع مختلفة من العنف عليها . إذا اعتقد الناس أن التعليم يجعل الآخرين أكثر قيمة، فإنهم يكونون أكثر احتمالاً لعكس سلوكهم المتوقع ويتصرفون بمسؤولية أكثر ولن يقبلوا بالعيش على هامش الحياة .
رابعا :- المشاركة السياسية الفاعلة مبنية على الوعي بالحقوق ،والواجبات ،والايمانةبالحرية وتنمية المسؤولية المجتمعية ،تهذيب السلوك الديمقراطي ،وتعزيز القيم المدنية ،ولن يتأتىهذا بغير التعليم .
لهذه الأسباب ،فإن التوسع في التعليم العام والعالي ، وتحسينه ،يشكل استثماراً فائقاً في مكافحة العنف و التطرف، ويحقق الامن والاستقرار على المدى البعيد، ولكن عندما يتم تطبيق هذا التوسع بطرق فاسدة ، او يوجه التعليم بطرق خاطئة فإن الفوائد الحيوية للتعليم كعامل لرفع الوعي ولتحقيق المساواة وكمولد للثقة الاجتماعية، وكداعم للتنمية السياسية ،يتم تقويضها من أساسها ،وقد يتحول التعليم الى اداءة لصناعة العنف و تفخيخ المجتمع وهذا ما سنتحدث عنه في المقال القادم.
التعليم ، السلام ، الحرب ،التطرف
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
http://great-yemen.net/articles.php?id=176
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة