مها سعد فاضل


بَين الطُّرق والطَّرائِق مُفتَرَق نَحويّ

مها سعد فاضل | Maha Saad Fadhil


09/03/2021 القراءات: 8220  




سُبحانَ الذِّي أتمَّ كلمَاتُه فَكان كلُّ حرفٍ فيها يورد بحرَ العربيةِ بحرًا والبَحر يورده بحرٌ آخر حتى كادَت البابُ أهلُ البلاغَةِ أن تَغرَق لَولا فَضلٌ مِنَ الذِّي ثَبَّت العُقول فِي فَضَاء علمِه ونَسألهُ مِن فَضلِه تَعالى أن تُشرِق علينا شُموس علمِه إن حَلَّ ظلام جهلنا ..

فَنتخبَّط بينَ علمٍ وآخر وكُلُّ عِلمٍ مِنَ العلُوم المُكتَشَفة قد يَصُّحُ وقد يُخطِئ ونَبقى دائمًا ننظر لكل علمٍ كأننا ننظر لنجمةٍ بعيدةٍ بنظرةٍ خاطِئة لا نعلم موقِعها ...

(فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لا يَمَسُّهُ إلا الْمُطَهَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الواقعة: 75 ـ 80).

فنحن ننظر للعلمِ الحَقيقي الكامِل كمثل النظر للنجوم ومواقعها لانبلغه قط فالعلم الحقيقي المطلق لله عز وجل خارج نطاق استيعاب العقل البشري

وخارج عن قُدرة كل مخلوق ..

ومن كَرمُ اللهِ علينا أنه اهدانا جزء من العِلمِ الحقيقي الا وهو علم اللغة العربية فجعله علمًا مكنونًا في كتابه الحكيم .

ما من حَرفٍ اختلف عليهِ عُلمَاءُ ..العربية ِ حتى وجدُوه في كتابِ الله .

وما من طارقٍ في السماءِ والارضِ طَرَقَ طَرِيق العلمِ حتى أنار اللهُ لَـه الطُّرقَ والطَّرائِقَ والطُّرقاتِ .

وأتطرق لكم سادتي القُراء والكُتَّاب وأساتذتي أصحاب إختصاص اللغةِ العربية لسؤال شائِع واتناقش به مع حضراتكم و أحترمُ اجتهادكم وزادنا الله واياكم علمًا ..

كثيرًا ما يرد تساؤل ايُّهما أصح طُرق ام طَرائِق ؟

ومتى نَذكُر طُرق وطَرائِق ؟

وهُناك مِنَ المصادر التي تذكُر إن طرق هي جمع طريق وطرائق هي جمع طريقة

وهناك من يذكُر بان ليس هنالك من فرق

ولكن لو عدنا للتأصيل اللغوي لكل كلمة و نتسائل عن كلتي الكلمتين طريق وطريقة

مالذي اختلف في الكلمة ليس الا اضافة التاء المربوطة ..

وفي اللغة العربية وبدون تعقيد للأمر كل كلمة يُضَافُ لها تاء مربوطة اصبحت مؤنَثَة ، ولكن هنا تساؤل آخر اوليس كلمة طريق جاز تأنيثها و تذكيرها ؟

وإن كانت كلمة طريق مؤنثة لما لا تكون طريق من جنس كلمة طريقة وبالتالي صح جَمعُ الكلمتين على طَرائِق وطُرُق

ولو جعلنا افتراض بإن هنالك اختلاف بين طريق وطريقة وإن كلمة طريق تجمع طرق وطريقة تُجمَع طَرائِق... وكذلك لو كانت طرائق تعني فقط مذاهب او اساليب فإذًا ما المقصود بطرائق في سورة المؤمنون؟

((وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ)) (17) المؤمنون

وحسب تفسير اغلب المفسرين إن طرائق مقصود بها السماوات السبع وهي الطرق التي تسير بها الكواكب والمجرات والأجرام السماوية و اهل السماء وما عَلِمنا وما لَم نعلم ... ولكن لمَ ذُكِرَت طرائق وليس طرق ؟!!

بل إن الإعجاز اللغوي واضحًا ويتجلى في القرآن الكريم فالسماوات هن سبع لا تزيد عليها ولا تنقص عنها لذلك جُمِعَت

بصيغة منتهى الجموع ( طَرائق ) على وزن( فَعائِل) فبذلك كلمة طرائق لا تجمع مرةً أخرى

ولو كانت كلمة طرق لكان بإمكاننا جمعها مرة أخرى جمعًا مؤنثًا سالمًا فنقول (طُرقات)

ولكن الله جمع السماوات السبع جمعًا تامًا لايزيد على السبع ولا ينقص عنها ...



فبذلك قد جاز جمع كلمة طريق طرائق اذا كانت الطرق معلومة ومحدودة واما اذا كانت غير محدودة ومن المحتمل ان لا تنتهي ودلّت على كُثرتِها جُمِعَت على طرق

ولعلنا في نهاية المطاف أن نقول لم يكن هنالك فرقًا واضحًا بين طريق وطريقة ولكن ترد كلمة طريقة اذا كان الطريق مألوفًا وازداد سالكيه .

إن اصبتُ فمن اللّه

وإن أخطأت فمن نفسي

والله اعلم


طرق وطرائق


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع