مدونة الدكتور محمود السماسيري


الخطابات الإسلامية المعاصرة: قراءة أولية للعلل وسبل التجاوز(1)

الدكتور محمود السماسيري | mahmoud yousef al-samasiry


12/10/2020 القراءات: 802  


لا مراء أن وضعية أي أمة تعد- في جانب كبير منها- انعكاسا صريحا لوضعية النسق الفكري الذي تتبناه.. فإذا كان هذا النسق الفكري سليما، فثمة إمكانية كبيرة أمام هذه الأمة أن تتمكن من بناء واقع سليم في عالمها الداخلي؛ عبر بناء كيان مجتمعي يحقق لأبنائها نمط الحياة التي يرنون إليه، وفي عالمها الخارجي؛ عبر ما يحققه لها من مكانه معتبره بين غيرها من الأمم.. مكانه لا تقف عند امتلاكها قوة تحقق بها ما تبتغي بين الأمم، وإنما قد تمنحها أيضا قدرة على أن تضطلع بدور ايجابي في الأخذ بيد غيرها من أمم الدنيا إلى موقع التقدم و الرقي. وبالطبع فإن اختلال أو قصور النسق الفكري الذي تعتنقه هذه الأمة يعني- على نحو حتمي- اختلال قدرتها على بناء واقع سليم في عالمها الداخلي أو على احتلال مكانه مميزة بين أمم الدنيا. وهكذا؛ يمكن أن نقول إننا أمام بدهية عقليه هي: إذا ما ادعى أبناء أمة ما سلامة النسق الفكري الذي تهتدي به أمتهم... فعليهم فقط أن ينظروا إلى مدى انعكاس هذا الفكر على واقع أمتهم.. وحينها سوف تتجلى لهم صحة ادعاءهم هذا من عدمه. بل ثمة بدهية عقليه أخرى تتجلى في أن سلامة الأصول المعرفية للنسق الفكري الذي تعتنقه أمة ما، لن تجدي شيئا إذا ما أصاب الاختلاف فهم أبناء هذه الأمة لتلك الأصول، وتفرقوا حيالها إلى تيارات شتي، وهو ما يؤدي بها إلى نتيجة لن تغاير كثيرا تلك التي يخلفها تبني هذه الأمة لنسق فكري ذي أصول معرفية مختلة. ولعل الوضعية التي تعيشها أمتنا، والتي لا تقف عند ضعفها وتمزقها، وإنما تمتد إلى ظهور مجموعات ذات فكر متطرف تمارس العنف والإرهاب ضد أبناء جلدتها؛ مما أسهم ولا زال يسهم في ضعفها وتمزقها، وفي تشويه صورة دينها بين أمم الدنيا.. لعل هذه الوضعية دليل ساطع على ذلك. وفي ضوء هاتين البديهيتين، وفي ضوء الوضعية التي تعيشها أمتنا، وفي ضوء التناقض بين واقع الأمة المختل وبين امتلاكها أصلين معرفيين عظيمين قادها سلفا إلى موقع الريادة ببن أمم الدنيا، ألا وهما القرآن الكريم والسنة الصحيحة.. في ضوء ذلك نطرح تساؤلين اثنين على الأمة الإسلامية ممثلة في علمائها عليها أن تجيب عليهما ..هي: - ما مدى دلالة واقع الأمة المتردي على اعتلال الخطابات الإسلامية السائدة فيها؟ - ما مدى سلامة ادعاء كل خطاب من الخطابات الإسلامية السائدة ملكية الفهم الصحيح والمتكامل للإسلام بما فيها الخطابات المتطرفة التي أفرزت العنف والإرهاب؟ وسوف تسعي ورقتنا البحثية هذه إلى تقديم تصورات مختصرة حول الإجابات التي طرحت حول هذين التساؤلين، وتفنيد ما هو مختل منها في مباحث ثلاثة: يتناول الأول منها دلالة واقع الأمة على اختلال خطابها الفكري، ويتناول الثاني مدى سلامة ادعاء كل من هذه الخطابات ملكيته الفهم الصحيح والمتكامل للإسلام، ويستعرض الثالث:سبل تجاوز الخطابات الإسلامية لوضعيتها المختلة.


الأمة الفكر الإسلامي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع