نثار من فوائد وخواطر وأفكار (1)
د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees
06/02/2025 القراءات: 14
هذه تذكرة كنتُ جمعتها سنة (1985م):
-ثواب الأعمال:
قال العلامة جلال الدين السيوطي في كتابه "طبقات الحفاظ" (ص: 379): "القصَّاب: الحافظ الإمام أبو أحمد محمد بن علي بن محمد الكرَجي المجاهد. عرف بالقصَّاب لكثرة ما أراق من دماء الكفار في الغزوات. صنَّف "ثواب الأعمال"، و"السُّنة". مات قريب سنة ستين وثلاث مئة".
***
-ثلاثون سنة في كتاب، وكتاب في يوم:
قال العلامة طاشكبري زاده (ت: 968) في كتابه "الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية" في ترجمة الإمام شمس الدين محمد بن حمزة بن محمد الفناري (751-834) (ص: 17): "وله مصنف في أصول الفقه سماه "فصول البدائع في أصول الشرائع" جمع فيه المنار، والبزدوي، ومحصول الإمام الرازي، ومختصر ابن الحاجب، وغير ذلك، وأقام في عمله ثلاثين سنة".
وتوجد نسخة مخطوطة منه في مكتبة الأوقاف ببغداد. انظر الكشاف (ص: 105). ثم رأيت في "معجم المطبوعات" أنه مطبوع. ثم رأيت نسخة منه في مكتبة كلية الشريعة بجامعة بغداد.
أقول: وفي «الشقائق النعمانية» (ص: 18): «وشرح المولى الفناري الرسالة الأثيرية في الميزان شرحًا لطيفًا حسنًا، وقال في خطبته: شرعتُ فيه غدوة يوم من أقصر الأيام، وختمتُ مع أذان مغربه بعون الملك العلّام».
***
- بشارة الخليفة:
قال مزهر عبد السوداني في كتابه "الشعر العراقي في القرن السادس الهجري" (ص: 163-164): "كتب العماد الأصفهاني -كاتب صلاح الدين- إلى الخليفة بمناسبة فتح بيت المقدس قائلًا:
أبشرْ بفتحٍ أمير المؤمنين أتى ... وصيتُه في جميع الأرض جوابُ
ما كان يخطر في بال تصورُه ... واستصعب الفتح لما أغلق البابُ
وخام عنه الملوك الأقدمون وقدْ ... مضت على الناس من بلواه أحقابُ
وجاء عصرُك والأيام مقبلة ... فكان فيه لفيض الكفر إنضابُ
نصرًا أعاد صلاحُ الدين رونقه ... إيجازُه ببليغ القول إسهابُ
... إلخ ويبدو أن الحماس والعاطفة الدينية هي التي حملت القاضي الفاضل في الجزء الذي نقلته من رسالته للخليفة على نعت المسيحيين بالكفر، [انظر ص: 163]، وكذلك فعل العماد الأصفهاني في البيت الرابع من أبياته المتقدمة، وابن التعاويذي في قوله من أبيات أشرت إلى أنَّ جامع ديوانه أسقطها منه:
واصمدْ لحرب المشركين مهذبًا ... بالسيف مَنْ بسواه لا يتهذبُ
ومعروف أنَّ الإسلام يعترف بالمسيحية دينًا سماويًّا، ولذلك لم يلزمهم بالدخول في الإسلام، على حين ليس بين المشركين والمسلمين إلا السيف...". وفي هذا نظر معروف.
***
-جبل جوشن:
قال المؤرخ ياقوت الحموي في "معجم البلدان" (2 / 186): "جَوْشَنُ -بالفتح ثم السكون وشين معجمة ونون- والجوشن الصدر، والجوشن الدرع، وجوشن: جبل مطلّ على حلب في غربيّها، في سفحه مقابر ومشاهد للشيعة، وقد أكثر شعراء حلب من ذكره جدًّا فقال منصور بن المسلم بن أبي الخرجين النحوي الحلبي من قصيدة:
عسى مورد من سفح جوشن ناقع ... فإني إلى تلك الموارد ظمآنُ
وما كلّ ظنّ ظنّه المرء كائن ... يحوم عليه للحقيقة برهانُ
وقرأتُ في ديوان شعر عبدالله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي عند قوله:
يا برقُ طالعْ من ثنيّة جوشن ... حلبًا، وحيّ كريمة من أهلها
واسأله هل حمل النسيم تحيّة ... منها، فإنّ هبوبه من رسلها
ولقد رأيت، فهل رأيت كوقفة ... للبين يشفع هجرها في وصلها؟
ثم قال: جوشن جبل في غربي حلب، ومنه كان يحمل النحاس الأحمر وهو معدنه، ويقال: إنه بطل منذ عبر عليه سبي الحسين بن عليّ رضي الله عنه، ونساؤه، وكانت زوجة الحسين حاملًا فأسقطت هناك فطلبت من الصّنّاع في ذلك الجبل خبزًا وماء فشتموها ومنعوها، فدعت عليهم، فإلى الآن من عمل فيه لا يربح، وفي قبلي الجبل مشهد يُعرف بمشهد السقط ويسمّى مشهد الدّكة، والسقط يسمى محسن بن الحسين، رضي الله عنه".
وقال العلامة ابن الحنبلي (ت: 971هـ) في كتابه "در الحبب في تاريخ أعيان حلب" في ترجمة والده الشيخ إبراهيم بن يوسف (877-959) (ج1 ق1 ص: 57): "كان أيضًا قد بذل مالًا كثيرًا في طلب زيادة ماء العين الكائنة بسفح جبل جوشن بالقرب من مشهد الدكة المعروف الآن بمشهد محسن رضي الله عنه حتى ازداد ماؤها، واتسعت أرجاؤها، وأغنت مجاوريه عن نقل الماء من النهر.
واتفق لحجَّارٍ طلبه والدي ليعمل بها فقال: بلغني أنَّ من عمل بها مات سريعًا، ولكني أعمل بها ولا أبالي. فعمل بها فمات سريعًا إلى رحمة الله تعالى".
وعلَّق محققا الكتاب الفاخوري وعبّارة على قوله مشهد الدكة: "سُمِّي بهذا الاسم؛ لأنَّ سيف الدولة كان له دكة على الجبل المطل على المشهد يجلس عليها لينظر إلى حلبة السباق، فإنها كانت تجري بين يديه في ذلك الوطاء الذي فيه المشهد. قال يحيى بن أبي طي في "تاريخه": وفي هذه السنة -يعني 351- ظهر مشهد الدكة. انظر الدر المنتخب: 85 والآثار الإسلامية 56).
قلت: والناس يسكنون عند مشهد محسن، وفي أعلاه، وقد أقيم عليه جامع والناس يقولون: (جامع الشيخ محسَّن) فيشددون السين، وفي الأعلى منطقة كبيرة متقدمة آهلة بالسكان تعرف بمنطقة (سيف الدولة) والشارع يسمى (شارع الإذاعة)، ومشهد محسن أسفل منه، والعلامة الزمخشري في "أساس البلاغة" يقول (ص: 212): "ونزلنا بسفح الجبل وهو ما اضطجع منه كأنما سفح منه سفحًا".
وقد انقطع "نهر قويق" ولم يعد "للعين" أثر، وحلب تشرب من نهر الفرات، يأتيها الماء بواسطة الأنابيب، وأجمل شيء جلسة الليل هناك وأنت ترى حلب ماخرة في الأضواء والأنوار، والمكان عال مشرف على المدينة، وتوجد الآن مقبرة صغيرة لا كما قال ياقوت رحمه الله "مقابر"، وسبحان الله بعد أن كانت حلبة سباق أصبحت مدينة سكنية وارفة الظلال متصلة بحلب القديمة.
بل امتد السكن إلى ما هو أبعد من ذلك، ومن كل الجهات، أدامها الله وسلم أهلها، وجعلنا من المعتبرين.
هذا وقد ذكرتُ جوشن إذ قلت:
يا نسيمًا من أرض جوشن هبّا ... كيف أهلي في مربع الأنس شهبا
فُـل صبري إلى اللقاء اشتياقًا ... وفؤادي من داخل الصدر هبّا
يا نسيم الوصال رحماك أقبلْ ... فلهيب الهيام للأهل شبّا
***
منوعات
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة